الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص220
إن قدرت بمدة تصح فيها الإجارة : صحت . وإن لم تقدر بمدة تصح فيها الإجارة بطلت حملا للوصية على الإجارة .
وذهب الشافعي وأبو حنيفة ، وجمهور الفقهاء إلى جواز الوصية بها على التأبيد بخلاف الإجارة ، لأن الوصايا تجوز مع الجهالة كما لو أوصى بسهم من ماله وماله مجهول ، بخلاف الإجارة فإنها لا تصح مع الجهالة .
فإذا صح جوازها مقدرة ومؤبدة فقد ذكر الشافعي الوصية بخدمة العبد ، وبغلة الدار وبثمرة البستان . فأما الوصية بخدمة العبد فله أن يستخدمه وله أن يؤجره .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز لمن أوصى له بخدمة عبده أن يأمره اعتمادا على ما تضمنته الوصية من الاستخدام دون الإجارة .
وهذا خطأ : لأن الوصية بالخدمة كالوصية بالرقبة . فلما كان الموصى له بالرقبة يجوز له المعارضة عليها لأنه قد ملكها بالوصية كان الموصى له بالخدمة أيضا يجوز له المعارضة عليها لأنه قد ملكها بالوصية .
فإذا ثبت هذا : فالوصية بخدمته ضربان : إما مقدرة بمدة ومؤبدة .
فإن قدرت بمدة كأنه قال : قد أوصيت لزيد بخدمة عبدي سنة ، فالوصية جائزة له بخدمة سنة .
والمعتبر في الثلث منفعة السنة دون الرقبة ، وفي كيفية اعتبارها وجهان :
أحدهما : وهو قول ابن سريج : أنه يقوم العبد كامل المنفعة في زمانه كله ، فإذا قيل مائة دينار ، قوم وهو مسلوب المنفعة سنة ، فإذا قيل ثمانون دينارا فالوصية بعشرين دينارا وهي خارجة من الثلث ، إن لم يكن على الموصي دين .
والوجه الثاني : وهو الذي أراه مذهبا – أنه يقوم خدمة مثله سنة ، فتعتبر من الثلث ، ولا تقوم الرقبة لأن المنافع الممتلكة في العقود والغصوب هي المقومة دون الأعيان . وكذلك في الوصايا .
فإذا علم القدر الذي تقومت به خدمة السنة إما من العين على الوجه الأول ، أو من المنافع على الوجه الثاني نظر :
فإنه خرج جميعه من الثلث ، صحت الوصية له بخدمة جميع السنة ، وإن خرج نصفه من الثلث ، رجعت الوصية إلى نصفها ، واستخدمه نصف السنة . وإن خرج ثلثه من الثلث رجعت الوصية إلى ثلثها ، واستخدمه ثلث السنة .
فإذا تقرر أنه على هذه العبرة ، استحق استخدامه جميع السنة فلا يخلو أن يكون في التركة مال غير العبد ، أم لا ؟ .