پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص211

والثاني : أن لهم رد ما زاد على الثلث في حقوق أنفسهم ، فإذا أجازوه سقطت حقوقهم منه ، فصار الثلث وما زادوا عليه سواء في لزومه لهم .

فإذا استوى الحكم في الجميع مع اللزوم : اقتضى أن يكون جميعه وصية لا عطية . فعلى هذا : يلزمهم نصف الوصايا بالوصية من غير إجازة لاحتمال الثلث لها . ونصفها بالإجازة بعد الوصية من غير قبض يعتبر ، ولا رجوع يسوغ .

فصل :

وأما العطايا في المرض : فهي مقدمة على الوصايا إذا ضاق الثلث عنها ، لأن تلك ناجزة ، وهذه موقوفة ، فلو ضاق الثلث عن عطايا المرض قدم الأسبق فالأسبق . ولو ضاق الثلث عن الوصايا : لم يقدم الأسبق ، لأن عطايا المرض تملك بالقبض المترتب ، فثبت حكم المتقدم . والوصايا كلها تملك بالموت فاستوى فيها حكم المتقدم والمتأخر إلا إن رتبها الموصي فيمضي على ترتيبه ما لم يتخلل الوصايا عتق . فإن تخللها عتق . فإن كان واجبا في كفارة أو نذر قدم على وصايا التطوع ، وإن كان تطوعا : ففيه قولان :

أحدهما : أن العتق مقدم على جميع الوصايا لقوته بالسراية في غير الملك وبه قال من الصحابة : عبد الله بن عمر ، ومن التابعين شريح ، والحسن ، ومن الفقهاء : مالك والثوري .

والقول الثاني : أن العتق والوصايا كلها سواء في مزاحمة الثلث ؛ لأن جميعها تطوع . وبه قال من التابعين ابن سيرين ، والشعبي ومن الفقهاء أبو ثور .

فصل :

ولو أوصى رجل أن يشتري عبد زيد بألف درهم وأن يعتق عليه فاشتراه الموصى بخمس مائة ، وأعتقه عنه ، والبائع غير عالم فقد اختلف الناس في الخمس مائة الباقية من الألف : فحكي عن سفيان الثوري : أنها تدفع إلى البائع ، وجعلها وصية له .

فحكي عن أحمد بن حنبل : أنها تدفع إلى الورثة ، وجعلها تركة .

وحكي عن إسحاق بن راهويه أنها تصرف في العتق ، وجعلها وصية له ، ومذهب الشافعي أنه ينظر قيمة عبد زيد الموصى له بشرائه وعتقه فإن كان يساوي ألفا فليس فيها وصية فيعود الباقي من ثمنه إلى الورثة . وإن كان يساوي خمس مائة عاد الباقي إلى زيد البائع لأنها وصية له . وإن كان يساوي سبع مائة . فالوصية منها بثلاث مائة درهم ، فتدفع إلى البائع ، وترد المائتان على الورثة ميراثا .

فصل :

وإذا أوصى بعتق أمة على أنها لا تتزوج ، أعتقت على هذا الشرط . فإن تزوجت لم يبطل العتق ، ولا النكاح . ووجب الرجوع عليها بقيمتها ولا يعود ميراثا . لأن عدم الشرط منع من إمضاء الوصية ، ونفوذ العتق يمنع من الرجوع فيه .

فلو طلقها الزوج لم يستحق استرجاع القيمة ، لأن شرط الوصية قد عدم بتزويجها .

وإن طلقت : فإن أوصي لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج وأعطيت الألف على هذا الشرط ، فإن تزوجت استرجعت الألف منها بخلاف العتق . لأن استرجاع المال ممكن ، واسترجاع العتق غير ممكن .