الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص197
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان للموصي ابن واحد ، فوصى لرجل بمثل نصيب ابنه ، كانت وصيته بالنصف ، وهو قول أبي حنيفة ، وصاحبيه ، فإن أجازها الابن ، وإلا ردت إلى الثلث .
وقال مالك : وهي وصية بجميع المال . وهو قول زفر من الهذليين وداود بن علي استدلالا بأن نصيب ابنه إذا لم يكن له غيره ، أخذ جميع المال فاقتضى أن تكون الوصية بمثل نصيبه وصية بجميع المال ، ولأنه لما كان لو أوصى له بمثل ما كان نصيب ابنه كان وصية بجميع ماله إجماعا . وجب لو أوصى له بمثل نصيب ابنه أن يكون وصية بجميع المال حجاجا .
وهذا فاسد من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن نصيب الابن أصل ، والوصية بمثله فرع ، فلم يجز أن يكون الفرع رافعا لحكم الأصل .
والثاني : أنه لو جعلنا الوصية بجميع المال لخرج أن يكون للابن نصيب ، وإذا لم يكن للابن بطلت الوصية التي هي بمثله .
والثالث : أن الوصية بمثل نصيب الابن فوجب التسوية بين الموصى له وبين ابنه فإذا وجب ذلك كانا فيه نصفين وفي إعطائه الكل إبطال للتسوية بين الموصى له وبين الابن .
وأما الجواب عن قولهم : إن نصيب الابن كل المال . فهو أن له الكل مع عدم الوصية وأما مع الوصية فلا يستحق الكل .
وأما قوله وصيت لك بمثل ما كان نصيب ابني فيكون وصية بالكل .
والفرق بينهما : أنه إذا قال بمثل نصيب ابني فقد جعل له مع الوصية نصيبا ، فكذلك كانت وصيته بالنصف ، نصيبا ، وإذا قال بمثل ما كان نصيب ابني فلم يجعل مع الوصية نصيبا ، فكذلك كانت بالكل .
وقال بعض أصحابنا : الوصية جائزة . وهو قول مالك ويجري بها مجرى قوله بمثل نصيب ابني ولا ابن له فيجعلها وصية بالنصف وعند مالك بالكل ولو أوصى بمثل نصيب ابنه ، ولا ابن له ، كانت الوصية باطلة .
وكذلك لو كان له ابن قاتل أو كافر ، لأنه لا نصيب له . والله أعلم بالصواب .