الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص196
فأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة ‘ .
فهو أنه لم يجعل ذلك تعليلا ، لرد الزيادة على الثلث ، ولو كان ذلك تعليلا لجازت الزيادة على الثلث مع غناهم ، إذا لم يصيروا عالة يتكففون الناس ، وإنما قاله صلة في الكلام وتنبيها على الحظ .
وأما قول ابن مسعود : يضع ماله حيث يشاء .
فماله الثلث وحده . وله وضعه حيث شاء .
وأما الصدقة فهي كالوصية ، إن كانت في الصحة أمضيت ، مع وجود الوارث ، وعدمه ، وإن كانت في المرض ردت إلى الثلث مع وجود الوارث وعدمه .
واختلف أصحابنا : هل يراعى ثلث ماله وقت الوصية أو عند الوفاة ؟
على وجهين :
أحدهما وهو قول مالك ، وأكثر البغداديين ، أنه يراعى ثلثه وقت الوصية ، ولا يدخل فيه ما حدث بعده من زيادة . لأنها عقد والعقود لا يعتبر بها ما بعد .
والوجه الثاني : وهو قول أبي حنيفة وأكثر البصريين أنه يراعى ثلث ماله وقت الموت ، ويدخل فيه ما حدث قبله من زيادة ، لأن الوصايا تملك بالموت فاعتبر بها وقت ملكها .
فعلى هذين الوجهين : إن وصى بثلث ماله ، ولا مال له ، ثم أفاد مالا قبل الموت ، فعلى الوجه الأول تكون الوصية باطلة اعتبارا بحال الوصية .
وعلى الوجه الثاني تكون الوصية صحيحة اعتبارا بحال الموت .
وعلى هذين الوجهين :
لو وصى بعبد من عبيده ، وهو لا يملك عبدا ، ثم ملك قبل الموت عبدا صحت الوصية إن اعتبر بها حال الموت ، وبطلت : إن اعتبر بها حال القول .
وعلى هذين الوجهين :
لو وصى بثلث ماله ، وله مال ، فهلك ماله ، وأفاد غيره ، صحت الوصية في المال المستفاد إن اعتبر بها حال الموت ، وبطلت إن اعتبر بها حال الوصية .
وأما الفصل الرابع : في الموصى إليه ، فقد أفرد الشافعي للأوصياء بابا استوفى فيه أحكامهم .