الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص195
فإن كان له وارث : كانت الوصية موقوفة على إجازته ورده فإن ردها رجعت الوصية إلى الثلث . وإن أجازها صحت ، ثم فيها قولان :
أحدهما : أن إجازة الورثة ابتداء : عطية منهم ، لا تتم إلا بالقبض ، وله الرجوع فيها ما لم يقبض . وإن مات قبل القبض بطلت كالهبة .
والقول الثاني : إجازة الورثة إمضاء لفعل الموصي ، فلا تفتقر إلى قبض ، وتتم بإجازة الوارث ، وقبول الموصى له ، ليس الرجوع بعد الإجازة ، ولا تبطل الوصية بموته بعد إجازته ، وقبل إقباضه .
فجعل المنع من الزيادة حقا للورثة .
فإذا لم يكن له وارث سقط المنع . وبما روي عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : ‘ من لا وارث له وضع ماله حيث شاء ‘ .
ولأن من جازت له الصدقة بجميع ماله ، جازت وصيته بجميع ماله .
ودليلنا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن الله تعالى أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم ، زيادة في أعمالكم ‘ . ولأن الأنصاري أعتق ستة مملوكين له ، لا مال له غيرهم ، فجزأهم النبي ( ص ) ثلاثة أجزاء ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة ، ولم يكن له وارث ولأنه لو كان له وارث ، لوقف على إجازته ، ولأن مال من لا وارث له يصير إلى بيت المال إرثا لأمرين :
أحدهما : أنه تخلف الورثة في استحقاق ماله .
والثاني : أنه يعقل عنه كورثته . فلما ردت وصيته مع الوارث إلى الثلث ردت إلى الثلث مع بيت المال لأنه وارث .
وقد تحرر منه قياسان :
أحدهما : أن كل جهة استحقت التركة بالوفاة ، منعت من الوصية بجميع المال كالورثة .
والثاني : أن ما منع من الوصايا مع الورثة . منع منها مع بيت المال ، كالديون .