پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص194

وهذا فاسد ، والوصية باطلة ، لأنه لو وهب للميت مع علمه بموته كانت الهبة باطلة ، فكذلك الوصية أولى . والله أعلم .

فصل :

وأما الوصية لمسجد ، أو رباط ، أو قنطرة ، فجائزة ، وتصرف في عمارته ، لأنه لما انتفى الملك عن هذا كله توجهت الوصية إلى مصالحهم .

وأما الوصية للبيع ، والكنائس ، فباطلة ، لأنها مجمع معاصيهم . وكذلك الوصية بكتب التوراة والإنجيل ، لتبديلها وتغييرها . وسواء كان الموصي مسلما أو كافرا ، وأجازها أبو حنيفة من الكافر دون المسلم ، كما أجاز وصيته بالخمر والخنزير .

وهذا فاسد لقوله تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) [ المائدة : 49 ] .

وأما الفصل الثالث : في الموصى به .

فهو كل ما جاز الانتفاع به من مال ومنفعة ، جازت الوصية به ، وسواء كان المال عينا ، أو دينا حاضرا ، أو غائبا ، معلوما ، أو مجهولا ، مشاعا ، أو مفرزا .

ولا تجوز الوصية بما لا يجوز الانتفاع به . من عين أو منفعة كالخمر والخنزير والكلب غير المعلم .

وهو مقدر بالثلث ، وليس للموصي الزيادة عليه لقوله ( ص ) لسعد : ‘ الثلث ، والثلث كثير ‘ .

وأولى الأمرين به أن يعتبر حال ورثته ، فإن كانوا فقراء ، كان النقصان من الثلث أولى من استيعاب الثلث .

وقد روي عن علي – عليه السلام – أنه قال : ‘ لأن أوصي بالسدس أحب إلي من أن أوصي بالربع ، والربع أحب إلي من الثلث ‘ .

وإن كان ورثته أغنياء ، وكان في ماله سعة ، فاستيفاء الثلث أولى به .

وقد روي عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : ‘ الثلث وسط ، لا بخس فيه ولا شطط ‘ .

ولو استوعب الثلث من قليل المال وكثيره ، مع فقر الورثة ، وغناهم ، وصغرهم ، وكبرهم ، كانت وصية ممضاة به .

وأما الزيادة على الثلث : فهو ممنوع منها في قليل المال وكثيره لأن النبي ( ص ) منع سعدا من الزيادة عليه وقال : ‘ الثلث ، والثلث كثير ‘ .

فإن وصى بأكثر من الثلث أو بجميع ماله : نظر .