الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص193
فالوصية جائزة إذا خرج المدبر من الثلث ، لأنه يملكها دون الورثة ، لعتقه بموت السيد ولو خرج بعضه من الثلث دون جميعه ، صح من الوصية بقدر ما عتق منه ، وبطل منه بقدر ما رق منه .
ولو وصى لمكاتبه :
كانت الوصية جائزة ، لأن المكاتب يملك ، فإن عتق بالأداء فقد استقر استحقاقه لها ، فإن كان قد أخذها قبل العتق ، وإلا : أخذها بعده .
وإن رق بالعجز نظر فإن لم يكن قد أخذها فهي مردودة ، لأنه صار عبدا موروثا ، وإن كان قد أخذها ففيه وجهان :
أحدهما : ترد اعتبارا بالانتهاء في مصيره عبدا موروثا .
والثاني : لا ترد ، اعتبارا بالابتداء في كونه مكاتبا مالكا .
فأما الوصية لأم ولده : فجائزة ، سواء كان لها ولد وارث أو لم يكن ، لأن عتقها بالموت أنفذ من عتق المدبر ، ولا يمنع ميراث ابنها من إمضاء الوصية ، لأن الوصية لأبي الوارث وابنه جائزة ، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوصى لأمهات أولاده .
وقال أبو حنيفة : الوصية للحربي باطلة ، لأن الله تعالى أباح للمسلمين أموال المشركين ، فلم يجز أن يبيع للمشركين أموال المسلمين .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لما لم يمنع شرك الذمي ، لم يمنع شرك الحربي من الوصية ، كالنكاح .
والثاني : أنه لما جازت الهبة للحربي وهو أمضى عطية من الوصية ، كان أولى أن تجوز له الوصية ، وسواء كان الموصي مسلما ، أو كافرا .
فأما وصية المرتد . فعلى ثلاثة أقسام – ذكرناها في كتاب الوقف :
أحدها : أن يوصي لمن يرتد عن الإسلام . فالوصية باطلة لعقدها على معصية .
والثاني : أن يوصي بها لمسلم فيرتد عن الإسلام بعد الوصية له . الوصية جائزة لأنها وصية صادفت حال الإسلام .
والثالث : أن يوصي بها لمرتد معين ففي الوصية وجهان :
أحدها : باطلة .
والثاني : جائزة .
وإن علمه ميتا حين الوصية : فقد أجازها مالك وجعلها للورثة لأن علمه بموته يصرف قصده إلى ورثته .