الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص186
وارث وبقي فرض الوصية لغير الورثة في الأقربين على حاله وهو قول طاوس وقتادة والحسن البصري وجابر بن زيد .
فإن وصى بثلثه لغير قرابته فقد اختلفوا : فقال طاوس يرد الثلث كله على قرابته وقال قتادة : يرد ثلث الثلث على قرابته وثلثا الثلث لمن أوصى له به .
وقال جابر بن زيد رد ثلثا الثلث على قرابته وثلث الثلث لمن أوصى به .
واختلفوا في قدر المال الذي يجب عليه أن يوصي منه على أقاويل :
أحدها : أنه ألف درهم ، وتأولوا قوله تعالى : ( إن ترك خيرا ) [ البقرة : 183 ] . ألف درهم ، وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
والثاني : خمس مائة ، وهذا قول النخعي .
والثالث : يجب في قليل المال وكثيره وهو قول الزهري . فهذا قول من جعل حكم الآية ثابتا . وذهب الفقهاء وجمهور أهل التفسير إلى إنها منسوخة بالمواريث . واختلفوا بأية آي نسخت فقال عبد الله بن عباس نسخت بآية الوصايا بقوله تعالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) [ النساء : 7 ] . وقال آخرون نسخت بقوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ الأنفال : 75 ] . وسنذكر دليل من أثبتها ومن نسخها فيما بعد .
ثم قال : ( فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهما فلا إثم عليه ) [ البقرة : 182 ] . وأصل الجنف في كلام العرب : الجور والعدول عن الحق . ومنه قول الشاعر :
وفي تأويل قوله تعالى : جنفا أو إثما ثلاثة أقاويل .
أحدهما : أن الجنف : الميل ، والإثم ، أن يأثم في إثرة بعضهم على بعض وهذا قول عطاء ابن دريد .
والثاني : أن الجنف : الخطأ ، والإثم : العمد .
والثالث : أن الرجل يوصي لولد بنيه ، وهو يرد بنيه ، وهذا قول طاوس .
واختلفوا في تأويل قوله تعالى : ( فأصلح بينهم فلا إثم عليه ) [ البقرة : 182 ] . على أربعة أوجه :
أحدهما : أن تأويلها : فمن حضر مريضا وهو يوصي عند إشرافه على الموت ، فخاف أن يخطئ في وصيته ، فيفعل ما ليس له أو يعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له ، فلا حرج