الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص175
فأما العمات فاختلف المنزلون فيهن فنزلهم عمر وعبد الله رضي الله عنهما بمنزلة الأب وهي إحدى الروايتين عن علي عليه السلام وبه قال النخعي والحسن بن صالح والرواية المشهورة عن علي عليه السلام أنهن بمنزلة العم ، وهو قول الشعبي ويحيى بن آدم وضرار بن صرد وكأنهم ذكروهن وقد حكي عن الثوري وأبي عبيد ومحمد بن سالم أنهم نزلوا العمة منزلة بنات الإخوة وولد الأخوات بمنزلة الجد ونزولها مع غيرهم بمنزلة الأب واختلف المنزلون في توريث القريب والبعيد فالمعمول عليه من قول الجمهور أن أقربهم أولى بوارث أولاهم بالميراث فإن استووا أخذ كل واحد منهم نصيب من أدلى به وذهب قوم إلى أن كل ذي رحم بنزلة سببه ، وإن بعد فورثوا البعيد مع القريب إذا كانا من جهتين مختلفتين ، هذا قول الثوري والحسن بن صالح وأبي عبيد ومحمد بن مسلم ، وضرار بن صرد فإن كانا من جهة واحدة ورثوا الأقرب فالأقرب واختلف أهل التنزيل في تنزيل وارث الأم مثل ابن أخيها وعمها وابن عمها وابن أبيها وأم جدها هل ينزلون في أول درجة بمنزلتها وإن بعدوا منها أو ينزلون بطنا بعد بطن فذهب جمهورهم إلى أنهم ينزلون بطنا بعد بطن .
وقال إبراهيم النخعي : الأم ثم أجعلها لورثتها وبه قال أبو عبيد ويحيى بن آدم واختلفوا في تفضيل الذكر على الأنثى فذهب جمهورهم إلى أنه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا ولد الأخوة من الأم والأخوال والخالات من الأم والأعمام والعمات من الأم فإنه يستوي فيه ذكورهم وإناثهم ، وذهب قوم إلى التسوية بين ذكورهم وإناثهم وهو قول نعيم بن حماد وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه وبالجمهور من قول المنزلين يفتي وعليه يعمل ؛ لأنه أجرى على القياس من قول أهل القرابة فلذلك ذهبنا إليه والله أعلم بالصواب .
إذا ترك بنت بنت وثلاثة بنات بنت ثانية وأربع بنات بنت ثالثة فالمال في الأصل مقسوم بينهم على ثلاثة أسهم بعدد من أدلين به من الأمهات ثم يجعل كل سهم لولدها وتصح من ستة وثلاثين سهما الثلث منها اثنا عشر سهما لبنت البنت الواحدة واثنا عشر سهما لثلاث بنات البنت الثانية أثلاثا لكل واحدة منهن أربعة أسهم واثنا عشر سهما لأربع بنات البنت الثالثة أرباعا لكل واحدة منهن ثلاثة أسهم ، وقال أبو حنيفة : يقسم بينهن على عدد رؤسهم أثمانا لكل واحدة سهم ، كما يقسم بين العصبات على أعدادهم ولا يعتبر أعداد آبائهم كما لو ترك ابن ابن وخمسة بني ابن آخر قسم المال بينهم أسداسا على أعدادهم ولم يقسم نصفين على أعداد آبائهم وهذا خطأ ؛ لأن العصبات يرثون بأنفسهم فلذلك قسم على عددهم ، وذوو الأرحام يدلون بغيرهم فقسم بينهم على عدد من أدلوا به ، فلو ترك ابن بنت مع أخته وبنت بنت أخرى كان لبنت البنت النصف ولابن البنت مع أخته النصف بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وتصح من ستة على قول أبي عبيد وإسحاق النصف بينهما بالسوية ، وعلى قول أبي حنيفة المال بين جميعهم للذكر مثل حظ الأنثيين على أربعة أسهم فلو ترك بنت بنت وبنت بنت ابن كان لبنت البنت النصف سهم أمها ولبنت الابن السدس سهم أبيها