الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص162
والوجه الثاني : حكي عن أبي إسحاق المروزي وأبو الحسن بن القطان وهو مذهب مالك أنه يرثه ميراث أخ لأب وأم لأن التوأمين من حمل واحد ، والحمل الواحد لا يكون إلا من أب واحد ، ألا ترى أن أيهما اعترف به الملاعن تبعه الآخر في اللحوق فعلى هذا يكون لأمه الثلث والباقي للأخ ؛ لأنه أخ لأب وأم فكان أولى من المولى وبيت المال .
فأما إن كانت الزانية خلية وليست فراشا لأحد يلحقها ولدها فمذهب الشافعي أن الولد لا يلحق بالزاني ، وإن ادعاه وقال الحسن البصري : يلحقه الولد إذا ادعاه بعد قيام البنية وبه قال ابن سيرين وإسحاق ابن راهوية وقال إبراهيم النخعي يلحقه الولد إذا ادعاه بعد الحد ويلحقه إذا ملك الموطوة وإن لم يدعه وقال أبو حنيفة إن تزوجها قبل وضعها ولو بيوم لحق به الولد ، وإن لم يتزوجها لم يلحق به ، ثم استدلوا جميعا مع اختلاف مذاهبهم بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يليط أولاد البغايا في الجاهلية بآبائهم في الإسلام ، ومعنى يليط أي يلحق .
قالوا : ولأن لما كان انتفاء الولد عن الواطئ باللعان لا يمنع من لحوقه به بعد الاعتراف فكذلك ولد الزنا ، وهذا خطأ فاسد لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال خطبنا رسول الله ( ص ) يوم فتح مكة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر ما شاء الله أن يذكر فأتاه رجل فقال يا رسول الله إني عاهرت بأمة في الجاهلية فقال ( ص ) لا اعتهار في الإسلام الولد للفراش وأيما رجل عاهر بأمة لا يملكها أو امرأة لا يملكها فادعى الولد فليس بولده ولا يرث ولا يورث ، ولأن ولد الزنا لو لحق بادعاء الزاني إياه للحق به إذا أقر بالزنا ، وإن لم يدعيه كولد الموطؤة يشبه في إجماعهم على نفيه عنه مع اعترافه بالزنا دليل على نفيه عنه مع ادعائه له ولأنه لو لحق بالاعتراف لوجب عليه الاعتراف وقد أجمعوا على أن الاعتراف به لا يلزمه فدل على أنه إذا اعترف به لم يلحقه .
فأما الجواب عن الحديث المروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يليط أولاد البغايا في الجاهلية بآبائهم في الإسلام فهو أن ذلك منه في عهار البغايا في الجاهلية دون عهار