پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص152

قال لها : أنت طالق إن صليت الفرائض أو صمت شهر رمضان فصلت وصامت ، كان لها الميراث ؛ لأنها لا تجد بدا من الصلاة والصيام ، ولكن لو قال لها : إن أكلت هذا الطعام أو لبست هذا الثوب أو كلمت هذا الرجل ، أو دخلت هذه الدار أو تطوعت بصلاة أو صيام فأنت طالق ففعلت ذلك طلقت ولا ميراث لها ؛ لأن لها من ذلك كله بدا فصارت مختارة لوقوع الطلاق إلا أن لا تعلم يمينه فترث لأنها غير مختارة للطلاق .

فصل :

وإذا طلق المريض زوجته وكانت ذمية فأسلمت أو أمة فأعتقت لم ترث ؛ لأنه لو مات وقت طلاقها لم ترث فصار غير متهم ولو طلقها بعد إسلامها وعتقها ورثت ؛ لأنه متهم إلا أن لا يعلم بإسلامها ولا بعتقها حين طلقها فلا ترث ؛ لأنه غير متهم ، فلو قال لها السيد : أنت حرة في غد وطلقها الزوج في يومه ورثت ؛ لأنه متهم حين علم بعتقها فإن لم يعلم فلا ميراث ، ولو قال لها الزوج : أنت طالق في غد فأعتقها السيد في يومه فلا ميراث لها ولو قال لها الزوج أنت طالق ؛ لأنه غير متهم حين طلقها فلو قال لها السيد أنت حرة في غد فلما علم الزوج بذلك قال لها : أنت طالق في غد ففيه وجهان :

أحدهما : لها الميراث لاتهامه فيه .

والثاني : لا ميراث لها ؛ لأن العتق والطلاق يقعان معا في حال واحدة فلم تستحق الميراث بطلاق لم يتقدم عليه الحرية .

فصل :

وإذا طلقها في مرضه فارتدت عن الإسلام ثم عادت إليه لم ترثه وبه قال أبو حنيفة .

وقال مالك : ترثه وهذا خطأ لأمرين :

أحدهما : ما قدمناه من أن اختيارها للطلاق مانع من ميراثها وهي بالردة مختارة له .

والثاني : أنها بالردة قد صارت إلى حال لو مات لم ترثه .

فأما إذا ارتد الزوج دونها بعد طلاقه وفي مرضه فمذهب الشافعي لا ترثه وقال أبو حنيفة ومالك ترثه ، وفرق أبو حنيفة بين ردتها وردته ، بأن ردتها اختيار منها للفرقة وليس ردته اختيار فيها لذلك ، وهذا الفرق فاسد ؛ لاستواء الردتين في إفضائهما إلى حال لو مات فيها لم ترثه فاستوت ردتها في ذلك وردته ، ولو ارتدت الزوجة في مرضها ثم ماتت لم يرثها الزوج .

وقال أبو حنيفة : يرثها ؛ لأنها متهمة بذلك في إزوائه عن الميراث كما يتهم الزوج في الطلاق في المرض ، وهذا خطأ من وجهين :

أحدهما : قدمناه من أن المرتد لا يورث .

والثاني : أنه لا ينسب العاقل أنه قصد بالردة إزواء وارث وضرره عليه أعظم من ضرره على الوارث وليس كالطلاق الذي لا ضرر عليه فيه .