پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص122

وقال علي عليه السلام : ‘ من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الإخوة والجد ‘ .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ‘ سلونا عن عضلكم ودعونا من الجد لا حياه الله ‘ . فاختلف الصحابة ومن بعدهم في سقوط الإخوة والأخوات بالجد : فروي عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وعائشة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أن الجد يسقط الإخوة والأخوات كالأب ، وعن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم مثله ، ثم رجعوا عنه بل روي عنهم أنهم لم يختلفوا فيه أيام أبي بكر حتى مات رضي الله عنه .

وبهذا قال من التابعين عطاء وطاوس والحسن وقال به من الفقهاء أبو حنيفة والمزني وأبو ثور وإسحاق وابن سريج وداود وروي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وعمران بن الحصين رضي الله عنهم أن الجد يقاسم الإخوة والأخوات ولا يسقطهم على ما سنذكره من كيفية مقاسمته لهم .

وبه قال من التابعين شريح والشعبي ومسروق وعبيدة السلماني ومن الفقهاء الشافعي ومالك والأوزاعي والثوري وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل واستدل من أسقط الإخوة والأخوات بالجد بقول الله تعالى : ( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ) [ يوسف : 38 ] وقال تعالى : ( ملة أبيكم إبراهيم ) [ الحج : 78 ] فسماه أبا وإذا كان اسم الأب منطلقا على الجد وجب أن يكون في الحكم كالأب ولأن للميت طرفين أعلى وأدنى فالأعلى الأب ومن علا والأدنى الابن ومن سفل فلما كان ابن الابن كالابن في حجب الإخوة ووجب أن يكون أبو الأب كالأب في حجب الإخوة . وتحريره قياسا أنه أحد الطرفين فاستوى حكم أوله وآخره كالطرف الآخر قالوا ولأن الجد عصبة لا يعقل فوجب أن يسقط العصبة التي تعقل كالابن ، ولأن من جمع الولادة والتعصيب أسقط من عدم الولادة وتفرد بالتعصيب كالابن ؛ ولأن للجد تعصيبا ورحما يرث بكل واحد منهما منفردا فكان أقوى من الأخ الذي ليس يدلي إلا بالتعصيب وحده قالوا : ولأن الجد يدلي بابن والأخ يدلي بالأب ، والابن أقوى من الأب ، فكان الإدلاء بالابن أقوى من الإدلاء بالأب ، ولأن للجد ولاية يستحقها بقوته في نكاح الصغيرة وعلى مالها ويضعف الأخ بما قصر فيها .

قالوا : ولأن الأخ لو قاسم الجد كالأخوين لوجب أن يقتسمها في كل فريضة ورث فيها جد كما يقاسم الأخ الأخ في كل فريضة ورث فيها أخ ، فلما لم يقاسمه في غير هذا الموضع لم يقاسمه في هذا الموضع . قالوا : ولأن الجد في مقاسمة الإخوة لا يخلو من ثلاثة أحوال : إما أن يكون كالأخ للأب والأم ، أو كالأخ للأب أو أقوى منهما ، وليس يجوز أن يكون أضعف منهما ؛ لأنه لا يسقط بهما ، فلو كان كالأخ للأب والأم لم يرث معه الأخ للأب ولو كان كالأخ للأب لما ورث مع الأخ للأب والأم ، وإذا امتنع بما ذكرنا أن يكون كأحدهما ثبت أنه أقوى منهما . والله أعلم .