الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص93
وإن قيل : لم يتعد لأن الله تعالى قل : ( يستفتونك قال الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ) [ النساء : 176 ] فكانت الفتيا عن الكلالة ما بينه من الحكم في ولد الأب .
وقال آخرون : الكلالة من الأسماء المشتركة تنطلق على الميت إذا لم يترك ولد ولا والد وعلى الورثة إذا لم يكن فيهم ولد ولا والد ، لاحتمال الأمرين .
قالوا : فالكلالة التي في قوله تعالى : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ) [ النساء : 12 ] اسم للميت والتي في قوله تعالى : ( قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد ) اسم للورثة والله أعلم .
قال الماوردي وهذا صحيح الإخوة والأخوات للأب والأم يسقطون مع ثلاثة مع الابن دون البنت ومع ابن الابن ومع الأب ولا يسقطون مع الجد على ما نذكره في باب الجد ، وحكي عن عبد الله بن عباس في رواية تشذ عنه أنه إذا كان مع الأبوين إخوة حجبوا الأم من الثلث إلى السدس واستحقوا السدس الذي حجبوا الأم عنه ، لأن الأب لا يستحقه مع عدم الإخوة ، ووجب أن لا يستحقه بوجود الإخوة ، والدليل على فساد هذا القول قول الله تعالى : ( وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [ النساء : 11 ] فكالباقي بعده للأب ثم قال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) [ النساء : 11 ] فدل الظاهر على أن الباقي أيضا للأب .
ولأن الإخوة لا يرثون مع الأب وحده فكان أولى أن لا يرثوا معه ومع الأم ، ولأن من أدلى بعصبة لم يرث مع وجود تلك العصبة كابن الابن مع الابن وكالجد مع الأب .
فإن قيل : أفليس الإخوة للأم يدلون بالأم ويرثون معها ، فهلا كان الإخوة مع الأب وإن أدلوا به يرثون معه .
قيل الفرق بينما من وجهين :
أحدهما : إن الإخوة للأب عصبة يدلون بعصبة فلم يجز أن يدفعوه عن حقه مع إدلائهم به ، والإخوة للأم ذو فرض لا يدفعون الأم عن فرضها فجاز أن يرثوا معها .
والثاني : أن الإخوة للأم لا تأخذ الأم فرضهم إذا عدموا فلم يدفعهم عنه إذا وجدوا والإخوة للأب يأخذ الأب حقهم إذا عدموا فدفعهم عنه إذا وجدوا .
فأما حجبهم الأم عن السدس فليس كل من حجب عن فرض استحق ذلك الحجب ، ألا ترى أن فرض البنت النصف لو لم تحجب أحدا ولو حجبت الزوج إلى الربع والزوجة إلى الثمن والأم إلى السدس لم يعد عليها ما حجبتهم عنه من الفروض وكذلك الإخوة .