الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص91
ويسمون بني الأعيان . سموا بذلك لأنهم من عين واحدة أي من أب واحد وأم واحدة ومنه قول النبي ( ص ) : ‘ أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ‘ والصنف الثاني الإخوة والأخوات للأب يسمون بني العلات ، يسموا بذلك ، لأن أم كل واحد منهم لم تعل الأخرى ، أي لم تسقه لبن رضاعها ، والعلل الشرب الثاني والنهل الأول ، وقد قال الشاعر
( والناس أبناء علات فمن علموا
أن قد أقل فمجفو ومحقور )
( وهم بنو أم من أمسى له نشب
فذاك بالغيب محظوظ ومنصور )
( والخير والشر مقرونان في قرن
والخير متبع والشر محظور )
والصنف الثالث الإخوة والأخوات للأم يسمون بني الأخياف ، والأخياف الأخلاط ، لأنهم من أخلاط الرجال ، وليس هم من رجل واحد ، ولذلك سمي الخيف من منى لاجتماع أخلاط الناس فيه ، وقيل : اختلاط الألوان الخافية وقد قال الشاعر :
( الناس أخياف وشتى في الشيم
وكلهم يجمعهم بيت الأدم )
يعني : أنهم أخلاط منهم الجيد ، ومنهم الرديء ، كبيت الأدم الذي يجمع الجلد كله ، فمنه الكراع ومنه الظهر .
فصل :
فأما الإخوة والأخوات للأم فيسقطون مع أربعة : مع الأب ، ومع الجد ، ومع الولد ذكرا كان أو أنثى ، ومع ولد الابن ذكرا كان أو أنثى ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم في شركاء في الثلث ) [ النساء : 12 ] وقد كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقرأ ‘ وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس ‘ ، وهذا يجوز أن يكون قاله تفسيرا ، ويحتمل أن يكون تلاوة ، وقد أجمعوا على أنهم الإخوة والأخوات من الأم ، لأن الله تعالى قال : ( فإن كانوا أكثر من ذلك منهم شركاء في الثلث ) .
فصل :
وأما الكلالة فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل النبي ( ص ) عنها فقال تكفيك آية الصيف يعني : قوله في آخر سورة النساء ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) [ النساء : 176 ] لأنها نزلت في يوم صائف فلم يفهمها عمر وقال لحفصة رضي الله عنهما إذا رأيت من رسول الله ( ص ) طيب نفسه فاسأليه ، فرأت منه طيب نفس فسألته عنها فقال لها : أبوك كتب لك هذا ما أرى أباك يعلمها أبدا ، فكان عمر يقول : ما أراني أعلمها