الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص81
والآخر وثني من أهل العهد وعما نصرانيا من أهل الجزية فعلى قول معاذ للزوجة الثمن وللأم السدس والباقي للابن المسلم ، وعلى قول مالك المال كله للعم النصراني ، وعلى قول أبي حنيفة لأمه السدس ولبنت ابنه النصف ، لأنه يقبل الجزية من عبدة الأوثان ويجعلهم من أهل الذمة والباقي لأخيه المجوسي ولا شيء لزوجته ولا أخيه الوثني ، لنه لا يورث أهل العهد من أهل الذمة ، وعلى مذهب الشافعي لزوجته الربع ، لأنها معاهدة ولأمه السدس والباقي لأخيه المجوسي وأخيه الوثني المعاهد ، ولا شيء لبنت ابنه الوثنية التي تؤدي الجزية ، لأنه لا يجوز أخذ الجزية عنده من عبدة الأوثان .
ومن الفقهاء : أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء وحكي عن الحسن البصري وقتادة ومكحول أنهم ورثوا من أسلم أو أعتق على ميراث قبل أن يقسم وروي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما وحكي عن إياس وعكرمة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهم ورثوا من أسلم قبل القسمة ولم يورثوا من أعتق قبل القسمة استدلالا بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من أسلم على شيء فهو له ‘ وروى أبو الشعثاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ كل قسم قسّم في الجاهلية فهو على ما قسم له وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام ‘ ودليلنا قوله ( ص ) ‘ لا يتوارث أهل ملتين ‘ ولأن الميراث ينتقل بالمورث إلى ملك الوارث لا بالقسمة ولأن تأخير القسمة لا يوجب توريث من ليس بوارث كما أن تقديمها لا يوجب سقوط من هو وارث ، ولأنه إن ولد للميت إخوه قبل قسمة تركته لا يرثوه فهذا كما لو أسلموا لم يرثوه .
فأما قوله ( ص ) : ‘ من أسلم على شيء فهو له ‘ ففيه تأويلان :
أحدهما : من أسلم وله مال فهو له لا يزول عنه بإسلامه .
والثاني : من أسلم قبل موت مورثه رغبة في الميراث فهو له ، وأما حديث ابن عباس فمعناه أن المشركين إذا ورثوا ميتهم ثم اقتسموه في جاهليتهم كان على جاهليتهم ، ولو أسلموا قبل قسمته اقتسموه على قسمة الإسلام والله أعلم .