الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص54
أحدهما : لا يقبل منه لأن القافة قد وقفته عليهما فلم يجز أن يعدل بالانتساب إلى غيرهما كما لو ألحقته القافة لم يكن له أن ينتسب إلى غيره .
والوجه الثاني : يقبل منه ويصير ملحقا بمن انتسب إليه لأن وقفته بينهما لا يمنع دعوى غيرهما .
وقال أبو حنيفة إن وصف أحدهما علامة غامضة في جسد المولود فهو أحق به لأن علمه بذلك دليل على صدقه وهذا خطأ لأنه قد يرى ذلك غير الوالد ولا يراه الوالد ولأنه لما لم يجز أن تدفع اللقطة بالصفة فالنسب أولى أن لا يثبت بالصفة .
قال الماوردي : وصورتها في رجلين تنازعا كفالة اللقيط دون نسبه وادعى كل واحد منهما أنه التقطه دون صاحبه وأقام كل واحد بما ادعاه بينة والبينة ها هنا شاهدان لا غير لأنها ليست على مال وإنما هي على استحقاق كفالة تثبت بها ولاية فإن شهدت إحدى البينتين لأحدهما بتقديم يده كان المتقدم إليه أولاهما به ، قال الشافعي وليس كالمال لأن المتنازعين في المال إذا أوجبت بينتاهما تقدم يد أحدهما كان فيه قولان :
أحدهما : أن المتقدم إليه أولى كالمتنازعين في الكفالة .
والقول الثاني : أنهما سواء ويقدم في الكفالة من تقدمت يده . والفرق بينهما أن المال قد يصح انتقاله بحق من يد إلى يد فجاز أن يستوي فيه اليد المتقدمة واليد المتأخرة والكفالة لا يصح انتقال اللقيط فيها بحق من يد إلى يد فوجب أن يحكم بها لمتقدم اليد ، فإن تعارضت بينتاهما أو أشكلتا لعدم المنازع ففيه قولان :
أحدهما : يقرع بينهما ويستحقه من قرع .
والثاني : يسقطان ويتحالفا فإن حلفا أو نكلا فقد استويا وصارا كالملتقطين له معا فيكون على ما مضى من الوجهين أحدهما يقرع بينهما ويستحقه من قرع منهما والثاني يجتهد الحاكم في أحظهما .