الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص53
آخر أريته القافة فإن ألحقوه بالآخر أريتهم الأول فإن قالوا إنه ابنهما لم ننسبه إلى أحدهما حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما وإن لم يلحق بالآخر فهو ابن الأول ‘ .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل وجد لقيطا فادعاه ولذا فدعواه مسموعة وقوله مقبول ويحكم له ببنوته سواء ادعاه مع التقاطه أو بعده لأنه لا منازع له ليمنع منه وينبغي أن يسأله الحاكم استظهارا من أين صار ولدك أمن أمة أو زوجة في نكاح أو شبهة فإن أغفل كل ذلك جاز لأن قوله فيه مقبول فإن جاء آخر بعد إلحاقه بالواجد فادعاه ولدا لم يقبل قوله بمجرد الدعوى لأن الأول بادعائه له قد صار دافعا لدعواه ولا يمنع منها لاحتمالها وأن إلحاقه بالأول إنما كان تغليبا لصدقه عند عدم المنازع وإذا كان كذلك وجب أن يرى الثاني مع الولد القافة لأن فيها بيان عند التنازع في الأنساب فإن نفوه عن الثاني استقر لحوقه بالأول استصحابا لسابق الحكم وإن ألحقوه بالثاني عرض عليهم الولد مع الأول فإن نفوه عن الأول لحق بالثاني وانتفى عن الأول لأن القافة حجة في إثبات الأنساب وكالبينة فكانت أولى من إلحاقه بدعوى الأول فإن أقام الأول بعد إلحاق القافة له بالثاني بينة على الفراش بأربع نسوة عدول يشهدن أنه ولد على فراشه لحق بالأول ببينته وكان أولى من إلحاق القافة له بالثاني بشبهه لأن حكم الشبه يسقط مع ثبوت الفراش ألا ترى لو أن ولدا على فراش رجل فادعاه آخر وألحقته القافة به لم يلحق وكان ولد صاحب الفراش لتقديم الفراش على حكم الشبه .
أحدهما : البلوغ لأنه لا حكم لقوله قبله .
والقول الثاني : إلى أن يميز باستكمال السبع أو الثمان وهي الحال التي يخير فيها بين أبويه عند تنازعهما في الحضانة فإن قيل فهلا إذا عدم البيان في القافة أقر على بنوة الأول بما تقدم من إلحاقه به إذا لم يقابل بما يوجب لحوقه بغيره كالمال إذا نوزع صاحب اليد فيه ثم تعارضت البينتان فأسقطنا حكم تملكه لصاحب اليد : قيل الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن اليد تدل على الملك فجاز عند تعارض البينتين أن يحكم بها ولا تدل على النسب فلم يجز أن يحكم بها وإنما حكمنا بما سبق من الدعوى دون اليد وهذا فرق أبي علي بن أبي هريرة وفيه دخل لأنه يمكن أن يقال فهلا إذا كانت الدعوى في النسب كاليد في الملك وجب أن يحكم بها عند سقوط الحجج بالتعارض كاليد والفرق الثاني أن الأموال ليس لها بعد تعارض البينات بيان ينتظر فجاز أن يحكم باليد بالضرورة عند فوات البيان وليس كذلك حال النسب لأن انتساب الولد عند بلوغه حال منتظرة يقع البيان بها فلم يحكم بما تقدم من الدعوى لعدم الضرورة وهذا فرق أبي الحسين بن القطان ويدخل عليه فوت البيان بموت الولد .