پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص48

وإن كانت جنايته عمدا يوجب القود فله حالان : أحدهما : أن يكون بالغا والقود واجب عليه في نفس كانت الجناية أو في طرف . والحالة الثانية : أن يكون صبيا فلا قود عليه لارتفاع القلم عنه وفي محل الدية قولان من اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يجري مجرى الخطأ أو مجرى العمد الصحيح وإن سقط عنه القود فإن قيل إنه يجري مجرى الخطأ كانت الدية في بيت المال مؤجلة كدية الخطأ وإن قيل إنه عمد صحيح وإن سقط عنه القود كانت الدية في ماله حالة فإن أعسر بها كانت دينا عليه .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ والجناية عليه على عاقلة الجاني فإن قتل عمدا فللإمام القود أو العقل وإن كان جرحا حبس له الجارح حتى يبلغ فيختار القود أو الأرش فإن كان معتوها فقيرا أحببت للإمام أن يأخذ الأرش وينفقه عليه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يخلو حال الجناية على اللقيط من أن تكون عمدا أو خطأ فإن كانت خطأ فهي على عاقلة الجاني في نفس كانت أو طرف وديته دية حر مسلم ما كان على حاله اعتبارا بالأغلب من حكم الدار في الحرية والإسلام . وإن كانت عمدا فضربان في نفس أو طرف فإن كانت في نفس استحق فيها دية حر مسلم وفي استحقاق القود إن كان القاتل حرا مسلما قولان أصحهما عليه القود اعتبارا بالأغلب من حاله وحال الدية في قتله . والقول الثاني لا قود لأنه حد يدرأ بالشبهة .

وكان بعض أصحابنا يحمل اختلاف هذين القولين على اختلاف حالين فيقول إن كان قتله قبل البلوغ وجب القود على قاتله وإن كان بعد البلوغ فلا يجب لأنه يقدر على إظهار حاله وهذا الفرق مسلوب المعنى لأنه إن اعتبر حال الشبهة ففي الحالين وإن اعتبر حال الظاهر ففي الحالين فلم يكن للفرق بينهما وجه فإن قلنا بإسقاط القود أخذت الدية لبيت المال وإن قلنا بوجوب القود كان للإمام عن كافة المسلمين مخيرا فيما يراه أصلح لجماعتهم من القود لئلا يسرع الناس إلى قتل النفوس وأخذ الدية .

فصل :

وإن كانت الجناية عليه في طرف فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون بالغا فهو بالخيار بين أن يأخذ الدية أو يقتص لنفسه على ما ذكرناه من القولين .

والضرب الثاني : أن يكون غير بالغ فإن قلنا بإسقاط القود على أحد القولين فليس له إلا دية الطرف ويأخذها الإمام له لينفق عليه منها أو يضم إلى ماله إن كان غنيا . وإن قلنا بوجوب القود على الصحيح من المذهب فللقيط أربعة أحوال :

أحدهما : أن يكون عاقلا غنيا فعلى الإمام أن يحبس الجاني عليه إلى أن يبلغ فيختار القود أو الدية ولا يجوز للإمام أن يقتات عليه في أمرها كما لا يجوز لأب الطفل أن يقتات عليه فيما استحقه من قود أو دية .