الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص34
قال الماوردي : وهذا كما قال أما المنبوذ فهو الطفل يلقى لأن النبذ في كلامهم الإلقاء وسمي لقيطا لالتقاط واجده له وقد تفعل المرأة ذلك بولدها لأمور : منها أن تأتي به من فاحشة فتخاف العار فتلقيه أو تأتي به من زوج فتضعف عن القيام به فتلقيه رجاء أن يأخذه من يقوم به . أو تموت الأم فيبقى ضائعا فيصير فرض كفاية والقيام بتربيته على كافة من علم بحاله حتى يقوم بكفالته منهم من فيه كفاية كالجماعة إذا رأوا غريقا يهلك أو من ظفر به سبع فعليهم خلاصه واستنقاذه .
لقوله عز وجل : ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) [ المائدة : 32 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : أن على جميع الناس شكره حتى كأنه قد أحياهم والثاني : أنه قد ناب عن جميع الناس في إحيائه .
ولقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) [ المائدة : 2 ] ولقوله تعالى : ( وافعلوا الخير ) [ الحج : 77 ] فدلت هذه الآية على الندب على أخذه والتوصل إلى حراسة نفسه وقد قال تعالى في قصة موسى ( ص ) : ( فالتقطه آل فرعون ) [ القصص : 8 ] طلبا لحفظ نفسه ورغبة في ثوابه .
وروي أن منبوذا وجد على عهد عمر رضي الله عنه فاستأجر له امرأة تكفله واستشار الصحابة في النفقة فأشاروا أن ينفق عليه من بيت المال وروى الزهري عن أبي جميلة أنه قال : أخذت منبوذا على عهد عمر رضي الله عنه فذكره عريفي عمر فأرسل إلي فدعاني والعريف عنده قال عسى الغوير أبو ساء فقال عريفي إنه لا يفهم فقال عمر ما حملك على ما صنعت فقلت وجدت نفسا مضيعة فأحببت أن يأجرني الله عز وجل فيها قال هو حر وولاؤه لك وعلينا رضاعه .