الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص26
وعليه تعريف الطعام حولا فإن جاء صاحبه فليس له إلا الثمن دون القيمة ولو لم يأت صاحبه فللواجد أن يتملك الثمن ولو هلك الثمن في يده قبل الحول أو بعده ، وقبل التملك لو كان تالفا من مال ربه ولا ضمان على الملتقط وهكذا حكم الثمن لو كان الواجد هو البائع عند إعواز الحاكم فأما إن باعه مع وجود الحاكم فبيعه باطل وللمالك القيمة دون الثمن لفساد العقد فإن تلف الثمن من يد الواجد قبل الحول كان عليه غرمه لتعديه بقبضه مع فساد بيعه فإن حضر المالك والثمن بقدر القيمة من غير زيادة ولا نقص أخذه وهو مبلغ حقه وإن كان أقل فله المطالبة بإتمام القيمة ويرجع على المشتري لأن المشتري لما اشترى شراءا فاسدا فكان ضامنا للقيمة دون المسمى إلا أن يشاء المالك أن يسامح بفاضل القيمة فيكون الباقي منه مردودا على المشتري إذ ليس يلزمه إلا القيمة .
قال الماوردي : قد مضى حكم ضوال الإبل والغنم إذا وجدها في الصحراء فأما إذا وجدها في المصر أو في قرية فالذي حكاه المزني فيما وجد بخطه أنها لقطة له أخذها وعليه تعريفها حولا وحكي عن الشافعي في ‘ الأم ‘ أنها في المصر والصحراء سواء يأكل الغنم ولا يعرض للإبل فاختلف أصحابنا فمنهم من خرج ذلك على قولين :
أحدهما : أن المصر كالبادية يأكل الغنم ولا يعرض للإبل ، وهو المحكي عنه في ‘ الأم ‘ لعموم قوله ( ص ) : ‘ ضالة المؤمن حرق النار ‘ .
والقول الثاني : أنها لقطة يأخذ الغنم والإبل جميعها ويعرفها كسائر اللقط حولا كاملا وهو الذي حكاه المزني عنه وفيما لم يسمع منه لأن قوله ( ص ) في ضوال الإبل معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر يختص بالبادية التي يكون فيها الماء والشجر دون المصر وهي تمنع صغار السباع عن أنفسها في البادية ولا تقدر على منع الناس في المصر . والشاة تؤكل في البادية لأن الذئب يأكلها وهو لا يأكلها في المصر فاختلف معناهما في البادية والمصر فاختلف حكمهما ، ومن أصحابنا من حمل جواز أخذها على تسليمها إلى الإمام وحمل المنع من أخذها على سبيل التملك .