الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص21
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان واجد اللقطة غير مأمون عليها ففيه قولان منصوصان :
أحدهما : أنها كسب لواجدها وإن كان غير مأمون كالركاز فتقر في يده ولا تنتزع منه فعلى هذا اختلف أصحابنا هل يضم إليه أمين يراعيها معه حفظا لها أم لا على وجهين : أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا اعتراض عليه فيها بحال ويكون هو المقيم بحفظها وتعريفها من غير أن يكون لغيره نظر فيها والوجه الثاني وهو قول أبي علي الطبري في الإفصاح أن الحاكم يضم إليه أمينا يراعي حفظها في يد الواجد استظهارا للمالك وإن لم تنتزع لما تعلق بها من حق الواجد . والقول الثاني : وهو الأصح واختاره المزني أن الحاكم ينتزعها من يد الواجد إذا كان غير مأمون عليها ويدفعها إلى من يوثق به من أمنائه لأن الحاكم مندوب إلى حفظ أموال من غاب ولأن مالكها لم يرض بذمة من هذه حالة ولأن الوصي لما وجب انتزاع الوصية من يده لفسقه مع اختيار المالك له فلأن يخرج يد الواجد الذي لم يختره أولى . فعلى هذا القول إذا أخرجها الحاكم من يده إلى أمين يقوم بحفظها ففي الذي يقوم بتعريفها قولان أحدهما : رواه المزني أن الأمين هو الذي يقوم بتعريفها خوفا من جناية الواجد في تعريفها . والقول الثاني في الأم : أن الواجد هو المعرف دون الأمين لأن التعريف من حقوق التمليك وليس في تقرير لأنها لا تدفع بالصفة فإذا عرفها حولا ولم يأت صاحبها فإن أراد الواجد أن يتملكها سلمت إليه وأشهد الحاكم عليه بغرمها إذا جاء صاحبها وإن لم يختر أن يتملكها كانت في يد الأمين .
قال الماوردي : وهذا هو الذي نص عليه الشافعي في هذا الموضع أن المكاتب في اللقطة كالحر في جواز أخذها وتملكها وقال في الإملاء إنه كالعبد في أنه إن أخذها لسيده جاز وإن أخذها لنفسه فعلى قولين فاختلف أصحابنا لاختلاف هذين النصين فبعضهم يخرج ذلك على قولين :
أحدهما : أنه كالحر في جواز أخذها وصحة تملكها لنفوذ عقوده وتملك هباته .
والقول الثاني : أنه كالعبد لأن مالك اللقطة لم يرض بذمة من له استرقاق في نفسه بالتعجيز وإبطال ذمته بالفسخ وهذه الطريقة هي اختيار أبي إسحاق المروزي وقال آخرون من أصحابنا إن ذلك على اختلاف حالين فالموضع الذي قال فيه هو كالحر إذا كانت كتابته صحيحة والموضع الذي قال هو كالعبد إذا كانت كتابته فاسدة وهذا اختيار أبي علي الطبري