الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص19
للقطة في رقبته دون ذمته لأن أخذه لها جناية منه وسواء كان تلفها قبل الحول أو بعده بفعله أو بغير فعله وإن علم بها السيد فله حالتان :
إحداهما : أن ينتزعها من يده فإذا فعل ذلك سقط ضمانها عن العبد وكانت أمانة في يد السيد فإن قيل فلم سقط ضمانها عن العبد يدفعها إلى السيد وليس السيد مالكا لها وضمان الأموال بالعدوان لا يسقط إلا بردها على المالك قيل لأن السيد مستحق لأخذها ألا ترى أن العبد لو أخذها لسيده لم يلزمه الضمان .
فإذا دفعها إلى السيد سقط عنه الضمان فإذا صح أن ضمانها قد سقط عن العبد بأخذ السيد لها ففي يد السيد حينئذ وجهان :
أحدهما : أنه يد مؤتمن لا يد ملتقط وليس له أن يتملكها بعد التعريف لأنه غير الواجد لها فأشبه الحاكم الذي لا يجوز له بعد التعريف أن يتملكها .
والوجه الثاني : أن يده ملتقط فيجوز له بعد التعريف أن يتملكها لأن يد عبده كيده والحال الثانية أن لا يأخذها السيد من يد عبده بعد علمه بها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يأمره السيد بإقرارها في يده فيستبقيها عن إذن سيده فإن كان كذا نظر في العبد فإن كان ثقة أمينا سقط ضمانها عن العبد بإذن السيد له في الترك لأن يد العبد كيد سيده وصار كأخذ السيد فيكون على ما مضى من الوجهين وإن كان العبد غير مأمون ضمنها السيد وهل يسقط ضمانها عن رقبة العبد أم لا على وجهين :
أحدهما : سقط لتصرفه عن إذن السيد وصار ذلك تفريطا من السيد .
والوجه الثاني : أن ضمانها باق في رقبة العبد لأنها لم تخرج عن اليد المتقدمة .
والضرب الثاني : أن يقرها السيد في يده من غير أن يأمره فيها بل يمسك عنها عند علمه لها فالذي نقله المزني عن الشافعي ها هنا أن السيد يكون ضامنا لها في رقبة عبده ونقل الربيع في الأم أن السيد يكون ضامنا لها في رقبته عبده وسائر ماله فاختلف أصحابنا لاختلاف هذين النقلين فكان أبو إسحاق المروزي حمل ذلك على سهو المزني وغلطه وجعلها مضمونة على السيد في رقبة عبده وسائر ماله على ما رواه الربيع وزعم أن المزني قد ذكر ذلك في جامعه الكبير وإن كنت قد قرأته فلم أجد ذلك فيه وقال آخرون من أصحابنا إن اختلاف هذا النقل بعض اختلاف قولي الشافعي فيكون على قولين :
أحدهما : إن ذلك مضمون في رقبة العبد وحده لأن رؤية السيد لجناية عبده وتركه لمنعه لا يوجب عليه ضمان جنايته ألا ترى أن السيد لو شاهد عبده يقتل رجلا أو يستهلك مالا وقدر على منعه فلم يمنعه لم يضمن السيد قاتلا ولا مستهلكا ولا يجب عليه إن لم يمنعه غرم ولا ضمان كذلك في اللقطة .
والقول الثاني : أن ذلك مضمون على السيد في رقبة عبده وسائر أموال لأن يد السيد