الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص16
ردها عليه دون صاحبها لبقائها على ملكه ما لم تصل إلى يد صاحبها وقال الكرابيسي إذا تملك الواجد اللقطة فلا غرم عليه لصاحبها ولكن له الرجوع بها بعد التملك وإن كانت باقية بعينها .
استدلالا بأن النبي ( ص ) قال : ‘ فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ‘ وروي ‘ إلا فهي لك ‘ فلم يجعل عليه بدلا ولأنه تملك كالركاز فلما ملك الركاز بغير بدل ملك اللقطة أيضا بغير بدل . وهذا قول خالف فيه نص الشافعي وجمهور الفقهاء لأن النبي ( ص ) أمر عليا عليه السلام بالغرم فلما أعسر غرمه عنه ، ولأن مقصود اللقطة حفظها على مالكها وفي إسقاط الغرم استهلاك لها . ولأن ملك المسلم لا يستباح من غير اختياره إلا ببدل كأكل مال الغير فأما الركاز فليس المقصود به حفظه على مالكه ولذلك سقط تعريفه وصار كسبا محضا لذلك وجب خمسه فافترقا .
قال الماوردي : وجملة ذلك أن اللقطة على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما كان له قيمة وإذا ضاع من مالكه طلبه كالدينار والدرهم فهذا يجب تعريفه على واجده .
والقسم الثاني : ما كان تافها حقيرا لا قيمة له كالتمرة والجوزة فهذا لا يجب تعريفه فقد روي أن عمر رضي الله عنه سمع رجلا يعرف في الطواف زبيبة فقال إن من الورع ما يمقته الله وأخذ النبي ( ص ) من الحسن تمرة وجدها وقال لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لتركتها .
والقسم الثالث : ما كان له قيمة إلا أنه لا تتبعه نفس صاحبه ولا يطلبه إن ضاع منه كالرغيف والدانق من الفضة فقد اختلف أصحابنا في وجوب تعريفه على وجهين : أحدهما : يجب لكونه ذا قيمة والثاني لا يجب لكونه غير مطلوب ثم ما وجب تعريفه من قليل ذلك أو كثيره عرفه حولا كاملا لا يجز به أقل من ذلك في القليل ولا يلزمه أكثر منه في الكثير وقال الحسن بن صالح تعريف الحول يلزم في عشرة دراهم فصاعدا وما دون العشرة يعرفه ثلاثة أيام قال إسحاق بن راهويه ما دون الدنانير يعرفه جمعة وقال سفيان الثوري في الدرهم يعرفه أربعة أيام وهذا غير صحيح لقوله ( ص ) عرفها حولا ولم يفرق بين القليل والكثير وأمر النبي ( ص ) رجلا وجد سوطا أن يعرفه حولا فأما صفة التعريف فقد مضى الكلام فيها والله أعلم بالصواب .