الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص5
وقال بعض أصحابنا : مكة وغيرها سواء في اللقطة استدلالا بعموم الخبر وهذا خطأ ، لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن إبراهيم حرم مكة فلا يختلى خلاءها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ‘ وفي المنشد تأويلان أحدهما وهو قول أبي عبيد أنه صاحبها الطالب والناشد هو المعرف الواجد لها قال الشاعر :
فكأن النبي ( ص ) قال لا يحل لأحد أن يتملكها إلا صاحبها التي هي له دون الواجد ، والتأويل الثاني وهو قول الشافعي أن المنشد الواجد المعرف والناشد هو المالك الطالب . وروي أن النبي ( ص ) سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال : ‘ أيها الناشد غيرك الواجد ‘ معناه لا وجدت كأنه دعا عليه فعلى هذا التأويل معنى قوله لا تحل لقطتها إلا لمنشد أي لمعرف يقيم على تعريفها ولا يتملكها فكان في كلا التأويلين دليل على تحريم تملكها ولأن مكة لما باينت غيرها في تحريم صيدها وشجرها تغليظا لحرمتها باينت غيرها في ملك اللقطة ولأن مكة لا يعود الخارج منها غالبا إلا بعد حول إن عاد فلم ينتشر إنشادها في البلاد كلها فلذلك وجب عليه إدامة تعريفها ولا فرق بين مكة وبين سائر الحرم لاستواء جميع ذلك في الحرمة فأما عرفه ومصلى إبراهيم ( ص ) ففيه وجهان أحدهما أنه حل تحل لقطته قياسا على جميع الحل والوجه الثاني أنه كالحرم لا تحل لقطته إلا لمنشد لأن ذلك مجمع الحاج وينصرف النفار منه في سائر البلاد كالحرم ثم اختلفوا في جواز إنشادها في المسجد الحرام مع اتفاقهم على تحريم إنشادها في غيره من المساجد على وجهين أصحهما جوازه اعتبارا بالعرف وأنه مجمع الناس .
قال الماوردي : اعلم أن ضوال الحيوان إذا وجدت لم يخل حالها من أحد أمرين اما أن توجد في مصر أو في صحراء فإن وجدت في مصر فيأتي وإن وجدت في صحراء فعلى ضربين أحدهما أن تكون مما يصل بنفسه إلى الماء والرعي ويدفع عن نفسه صغار السباع