پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص551

والقول الثالث : عليه أن يكافئ بقدر قيمة الهبة لا يلزمه الزيادة عليها ، ولا يجزئه النقصان منها ، لأن ما استحق فيه البدل إذا عدم المسمى رجع إلى القيمة اعتباراً بمهر المثل وقيم المتلفات ، فعلى هذا يكون الموهوب له بالخيار بين أن يكافئ في مقدار ما ذكرناه من الثواب وبين أن يرد الهبة ، ولا خيار للواهب في أحد الأمرين ، فإن رد الهبة لم يكن للواهب أن يطالبه بالثواب ، فإن ردها ناقصة فإن كان نقصها بفعله ضمنه للواهب ، وإن كان بغير فعله ففي ضمانه إياه وجهان أصحهما عليه ضمانه .

والثاني : لا يضمنه ، وإن ردها وقد زادت فإن كانت الزيادة لا تتميز كالطول والسمن أخذها الواهب زائدة ، لأن ما لا يتميز من الزيادات تبع للأصل ، وإن كانت الزيادة متميزة فهي للموهوب له كالنتاج والثمرة ، لحدوثها على ملكه ولا يلزمه دفعها إلى الواهب وإن رد عليه الهبة ، وإن لم يرد الهبة وكافأه عليها بما ذكرناه من الثواب فيها فالواهب بالخيار بين أن يقبل المكافأة وبين أن لا يقبل ، ولا خيار له في استرجاع الهبة ، فإن قبل المكافأة ثم استحقت من يده فالموهوب له بالخيار بين أن يكافئه ثانية وبين أن يرد الهبة ، ولو استحقت الهبة دون المكافأة كان للموهوب له أن يرجع بالمكافأة ، فلو قال الواهب أنا أهب لك مثل تلك الهبة ولا أرد المكافأة لم يكن ذلك له بخلاف استحقاق المكافأة ، فلو لم يكافأ الموهوب له عن نفسه وكافأه عنه غيره جاز ولا رجوع للواهب ، لوصول الثواب إليه ، ولا رجوع للمكافئ على الموهوب له بما أثاب عنه وكافأ ؛ لأنه متطوع إلا أن يكافئ بأمره فيرجع عليه ، فلو لم يكافئه الموهوب له عن الهبة حتى تلفت في يده بغير فعله ففي وجوب الثواب عليه قولان :

أحدهما لا يجب عليه الثواب لأنه إنما يجب عليه أن يكافئ ويثيب في الحال التي إن رد ولم يثب فعلى هذا تتلف غير مضمونة عليه .

والقول الثاني : أن الثواب واجب عليه لاستحقاقه بالعقد ، فإن أثاب وإلا ضمنها بالقيمة لتلفها عن بدل فائت .

فصل

: وإن اشترط الواهب الثواب على هذا القول فلا يخلو أن يشترطه معلوماً أو مجهولاً فإن اشترطه مجهولاً صحت الهبة ولزم الشرط ، لأنه يوجب العقد ، ثم حكم هذه الهبة والثواب على ما مضى ، وفيه ثلاثة أقاويل غير أن الهبة لو تلفت في يده مع هذا الشرط مثل الثواب لزمه أن يثيب أو يضمن القيمة قولاً واحداً وإن اشترط الثواب معلوماً ففيه قولان :

أحدهما : جائز ، لأن ما منع عن الجهالة كان أولى بالصحة وله ما اشترط ، ويكون الفرق بينه وبين البيع أنه في الهبة : يشترط الثواب المعلوم يكون مخيراً بين دفع الثواب وبين رد الهبة وفي البيع يلزمه دفع الثمن ولا خيار له في الرد ما لم يكن خيار أو عيب ، ثم هما فيما سوى ذلك على سواء .

والقول الثاني : وهو قول أبي ثور أن الهبة باطلة لخروجها عن حكم الهبات المطلقة والبيوع اللازمة ، فعلى هذا تكون مضمونة ضمان البيع الفاسد على ما مضى .