الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص539
قال الماوردي : اعلم أن العمرى والرقبى عطيتان من عطايا الجاهلية ورد الشرع فيهما بأمر ونهي ، اختلف الفقهاء لأجلهما وفي الذي أريد بهما ، أما العمرى فهو أن يقول : جعلت داري هذه لك عمري أو يقول : قد جعلتها لك عمرك أو مدة حياتك ، فيكون له مدة حياته وعمره فإذا مات رجعت إلى المعمر إن كان حياً أو إلى وارثه إن كان ميتاً سميت عمرى لتملكه إياها مدة عمره وحياته ، وإذا مات رجعت إلى المعمر ومنه قوله تعالى : ( هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) ( هود : 61 ) يعني أسكنكم فيها مدة أعماركم فصرتم عمارها .
وأما الرقبى فهو أن يقول : قد جعلت داري هذه لك رقبى ، يعني : إنك ترقبي وأرقبك وإن مت قبلي رجعت إليّ وإن مت قبلك فالدار لك ، فسميت رقبى من مراقبة كل واحد منهما لصاحبه ، وكان الناس في الجاهلية على ما وصفنا في العمرى والرقبى إلى أن جاء ما رواه الشافعي بإسناده في أول الكتاب فاختلف الفقهاء في الرقبى والعمرى ، فذهب داود وأهل الظاهر ، وطائفة من أصحاب الحديث إلى بطلانها استدلالاً بعموم النهي ، وذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة وصاحباه : إلى جوازها على ما سنذكره استدلالاً برواية قتادة عن عطاء عن جابر عن النبي ( ص ) قال : ‘ العمرى جائزة ‘ .
وروى الشافعي عن عبد الوهاب عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن