الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص522
والثاني : أن يشترط رجوعها إليه .
والثالث : أن يطلق ، وإن اشرط رجوعها إليه ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وهو مذهب مالك أنهما ترجع إليه لما ذكرنا لهما من الآثار لموجب الشرط .
والثاني : وهو الأصح ، لأنها لا ترجع تغليباً للحكم في الوقف على الشرط ، وإن اشترط تأبيدها أو أطلق لم يرجع إليه لا يختلف ، لأن تعيين الأصل فيه أخرجه عن ملكه ، وفي مصرفه ثلاثة أوجه :
أحدها : يصرف في وجوه الخير والبر لأنها أعم .
والثاني : في الفقراء والمساكين ، لأنهم مقصود الصدقات .
والثالث : وهو مذهب الشافعي نص عليه في هذا الموضع وغيره أنه يرد على أقارب الواقف لكن أطلق المزني والربيع ذكر الأقارب ولم يفرق بين الفقراء والأغنياء ، وروى حرملة أنه يرد على الفقراء من أقاربه ، وكان بعض أصحابنا يخرج اختلاف الرواية على اختلاف قولين :
أحدهما : يرد على الفقراء والأغنياء من أقاربه ، وهو ظاهر ما رواه المزني والربيع .
والقول الثاني : يرجع على الفقراء منهم دون الأغنياء ، وهو نص ما رواه حرملة ، وقال جمهور أصحابنا : ليست الرواية مختلفة وإنما اختلاف المزني والربيع محمول على تقييد حرملة ويرد على الفقراء من أقاربه دون الأغنياء ، لأنه مصرف الوقف المنقطع في ذوي الحاجة وإنما خص الأقارب صلة للرحم كالزكاة ، وإذا تقرر ما وصفنا فلا يخلوا حال الوقف من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون على أصل موجود وفرع موجود .
والثاني : أن يكون على أصل معدوم وفرع معدوم .
والثالث : أن يكون على أصل موجود وفرع معدوم .
والرابع : أن يكون على أصل معدوم وفرع موجود .
فأما القسم الأول : وهو أن يكون على أصل موجود وفرع موجود فهو أن يقول : وقفت الدار على زيد فإذا مات فعلى الفقراء والمساكين ، فهذا جائز ، لأنه قد جعل زيداً أصلاً وهو موجود ، والفقراء والمساكين فرعاً وهم موجودون ، وهكذا إذا قال : وقفتها على زيد وأولاده وأولاد أولاده ما تناسلوا ثم على الفقراء والمساكين صح ، وإن لم يكن أولاد زيد موجودين ، لأنهم تبع لموجود ويتعقبهم فرع موجود ، ومن هذا الوجه صار الوقف ملحقاً بالوصايا في فرعه .
وأما القسم الثاني : وهو أن يكون أصل معدوم وفرع معدوم ، فهو أن يقول : وقفتها