الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص520
ما شاء زيد ، وهكذا لو قال وقفته على ما شاء زيد ، كان باطلاً ، وهكذا لو قال وقفته فيما شاء الله ، كان باطلاً ، لأنه لا يعلم مشيئة الله تعالى فيه ، فلو قال : وقفته على من شئت ، أو فيما شئت ، فإن كان قد تعين له من شاء ، أو ما شاء عند وقفه جاز ، وأخذ بيانه ، وإن لم يتعين له لم يجز ، لأنهم إذا تعينوا له عند مشيئته فالسبيل معروفة عند واقفه يؤخذ بيانها ، وإذا لم يتعينوا فهي مجهولة كورود ذلك إلى مشيئة غيره ، فهي مجهولة عنده ، وإن كانت معينة عند غيره ، فلو قال : وقفت هذه الدار ولم يزد على هذا ففي الوقف وجهان :
أحدهما : باطل وهو الأقيس للجهل باستحقاق المصرف .
والوجه الثاني : جائز وفي مصرفه ثلاثة أوجه حكاهم ابن سريج .
أحدهما : وهو الأصح أنه يصرف إلى الفقراء والمساكين ، لأن مقصود الوقف القربى ، ومقصود القربى في الفقراء والمساكين ، فصار كما لو وصى بإخراج ثلث ماله ولم يذكر في أي الجهات صرف في الفقراء والمساكين ، ويكون أقرب الناس نسباً وداراً من ذوي الحاجة أحق بها .
والثاني : أنه يصرف في وجوه الخير والبر لعموم النفع بها .
والثالث : وهو مذهب له أن الأصل وقف والمنفعة له ، ولورثته ، وورثة ورثته ما بقوا ، فإذا انقرضوا كانت في مصالح المسلمين فكأنه وقف الأصل واستبقى المنفعة لنفسه ولورثته .
وإن قيل : فلو قال وقفتها على من يولد لي وليس له ولداً يجوز .
قيل لا ، والفرق بينهما أنه مع الإطلاق قد يحمل بالعرف على جهة موجودة ومع تعيين الحمل قد حمله على جهة غير موجودة .
فلو قال : وقفتها على جميع المسلمين أو جميع الخلق أو على كل شيء فهو وقف باطل لعلتين :
أحدهما : أن الوقف ما كان سبيل مخصوص الجهات لتعرف وليس كذلك هذا .
والعلة الثانية : أنه لا يملك استيفاء هذا الشرط ، ولو وقفها على الفقراء والمساكين جاز وإن لم يمكن وقفها إلى جميعهم لأمرين :
أحدهما : أن الجهة مخصوصة .
والثاني : أن عرف الشرع فيهم لا يوجب استيعاب جميعهم كالزكاوات ، ولو وقفها على قبيلة لا يمكن استيفاء جميعهم كوقفه إياها على ربيعة أو مضر أو على بني تميم ففيه وجهان :
أحدهما : أن الوقف باطل تعليلاً بأن استيفاء جميعهم غير ممكن وليس في الشرع لهم عرف .