الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص517
قوله ( ص ) في اللحم الذي تصدق به على بريرة ‘ هو لها صدقةٌ ولنا هديةُ ‘ وروي عنه عليه السلام أنه قال : ‘ إنا أهل بيتٍ لا يحل لنا الصدقة ‘ وهذا عام ، وإذا قلنا : إن ذلك الامتناع كان على وجه التنزه لا التحريم فوجهه : أن كل من حلت له الهدية حلت له الصدقة المتطوع بها لغيره ( ص ) ولأن أهل بيته يحرم عليهم الصدقة المفروضة وتحل لهم الصدقة المتطوع بها ، وكذلك النبي ( ص ) .
فأما أهل بيته : فالصدقة المفروضة محرمة عليهم بدليل قوله ( ص ) ‘ إنا أهل بيتٍ لا تحل لنا الصدقة ‘ وقوله للفضل في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس وروي أن الحسن أخذ ثمرة من الصدقة فأكلها فقال النبي ( ص ) كخٍ كخٍ يعني إرم بها وأما صدقة التطوع فكانت حلالاً لهم .
والدليل عليه ما روى الشافعي عن جعفر بن محمد أنه كان يشرب من ماء السقايات التي بين مكة والمدينة . فقيل له في ذلك فقال : ‘ إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة ‘ .
فإذا ثبت هذا فنعنى بأهل البيت رسول الله ( ص ) وبذوي القربى بني هاشم وبني المطلب فهم الذين يحرم عليهم الصدقة المفروضة وهم ذوي القربى فأما آل رسول الله ( ص ) الذين يذكرون في التشهد فقد قيل هم بنو هاشم وبنو المطلب وقيل : هم المؤمنون كلهم فآل الرجل : أتباعه وأشياعه كما قال الله تعالى : ( أَدخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ) ( غافر : 46 ) وأراد به أشياع فرعون ، وأما سائر الناس فتحل الصدقات كلها عليهم المفروضة وغير المفروضة والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال يجوز وقف العقار والدور والأرض والرقيق والماشية والسلاح وكل عين تبقى بقاء متصلاً ويمكن الانتفاع بها .
وقال أبو يوسف : لا يجوز إلا في الأراضي والدور والكراع والسلاح والغلمان فأما وقف الغلمان وغيرهم من الحيوان على الانفراد فلا تصح واحتج من نصره ما عدا الأرض والدور لا يثبت فيه الشفعة ولا يستحق بالشفعة فلم يصح وقفه كالأطعمة والسمومات ودليلنا ما روي أن أم معقل جاءت النبي ( ص ) فقالت يا رسول الله إن أبا معقل جعل ناضحه في سبيل الله وإني أريد الحج أفأركبه فقال النبي ( ص ) ‘ أركبيه فإن الحج والعمرة من سبيل الله ‘ وروي أن النبي ( ص ) بعث عمر ساعياً فلما رجع ثلاثةً أحدهم خالد بن الوليد أما خالد فإنكم تظلمون خالداً إنه قد حبس أذرعه وأعبده ومن وجهه المعنى أنها عين تجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فجاز وقفها كالدور . وقولنا : ‘ عين ‘ احترازها يكون في الذمة لأنه لو كان له في ذمة رجل حيوان من مسلم أو غيره موقفه لم يصح . وقولنا : ‘ يجوز بيعه ‘ احتراز من أم الولد والحر . وقولنا : ‘ يمكن الانتفاع بها ‘ احتراز من الحشرات التي لا ينتفع بها . وقولنا : ‘ مع