پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص516

فالمقصود به أن يأخذ غلته وإن كان بستاناً فالمقصود به أن يأخذ ثمرته ، وذلك المقصود مال ، وكلما كان المقصود به مالاً قبل فيه الشاهد واليمين ، وأما الطريقة الثالثة فإن من أصحابنا من قال : إن الملك ينتقل إلى الموقوف عليه قولاً واحداً ، والذي ذكره الشافعي ها هنا فإنما أراد به لا يملك بيع الموقوف كما لا يملك العتق بيع رقبته .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وبنو هاشم وبنو المطلب محرم عليهم الصدقات المفروضات ولقد حفظنا الصدقات عن عدد كثيرٍ من المهاجرين والأنصار ولقد حكى لي عددٌ من أولادهم وأهلهم أنهم كانوا يتولونها حتى ماتوا ينقل ذلك العامة منهم عن العامة لا يختلفون فيه ( قال الشافعي ) رحمه الله : وإن أكثر ما عندنا بالمدينة ومكة من الصدقات لعلي ما وصفت لم يزل من تصدق بها من المسلمين من السلف يلونها على من ماتوا وإن نقل الحديث فيها كالتكلف ( قال ) واحتج محتج بحديث شريحٍ أن محمداً ( ص ) جاء بإطلاق الحبس فقال الشافعي الحبس الذي جاء بإطلاقه ( ص ) لو كان حديثاً ثابتاً كان على ما كانت العرب تحبس من البحيرة والوصيلة والحام لأنها كانت أحباسهم ولا نعلم جاهلياً حبس داراً على ولدٍ ولا في سبيل الله ولا على مساكين وأجاز النبي ( ص ) لعمر الحبس على ما روينا والذي جاء بإطلاقه غير الحبس الذي أجازه ( ص ) ( قال ) واحتج محتج بقول شريح لا حبس عن فرائض الله ( قال الشافعي ) رحمه الله : لو جعل عرضةً له مسجداً لا تكون حبساً عن فرائض الله تعالى فكذلك ما أخرج من ماله فليس بحبسٍ عن فرائض الله ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : جملة ذلك أن الناس على ثلاثة أضرب :

النبي ( ص ) ، وأهل بيته ، وسائر الناس .

فأما النبي ( ص ) : فكانت الصدقة المفروضة محرمة عليه بدليل قوله عليه السلام : ‘ إنا أهل بيتٍ لا يحل لنا الصدقة ‘ ، وروي أنه عليه السلام رأى ثمرة ملقاة فقال : ‘ لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها ‘ ولأن الصدقات أوساخ الناس ، وما كان من أوساخ الناس فإن النبي ( ص ) منزه عنه .

وأما صدقة التطوع فكان النبي ( ص ) لا يقبلها وروي أن سلمان الفارسي حمل إليه تمراً في طبقٍ فقال : ما هذا قال : صدقة فرده ، ثم حمل إليه يوماً آخر مثل ذلك فقال : ما هذا قال : هديةٌ فقبله ، وروي أنه ( ص ) أكل من لحمٍ تصدق به على بريرة وقال : ‘ هو لها صدقة ولنا هديةٌ ‘ وهل كان ذلك الامتناع لأجل التحريم أو لأجل الاستحباب ؟ فيه قولان :

أحدهما : لأجل التحريم ، لأنه رد الصدقة على سلمان ، ولو لم تكن محرمة عليه لما ردها ولكان يطيب قلبه بقبولها والذي يدل على ذلك أنه قال للصعب بن جثامة لما رد حماره الذي أهداه إليه ورأى الكراهة في وجهه ليس بنا رد عليك وكلنا حرم ، ويدل عليه