الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص513
أحدهما : أن النبي ( ص ) أمره بأن يحبس الأصول ، وعند المخالف لا يقع تحبيس الأصل بحال ، فإن قيل : بل يصح منه ، لأنه يقف ويرفع ذلك إلى النبي ( ص ) حتى يحكم به ، فإذا حكم به لزم قيل : فلا يكون ذلك اللزوم من جهته إنما يكون من جهة الحاكم بالحكم ، كما يكون ذلك في جميع مسائل الخلاف ، وعلى أنه لم ينقل أن عمر رفع ذلك إلى النبي ( ص ) وحكم به ، ولو كان فعل ذلك لنقل ، لأنه أولى بالنقل من غيره .
والتعلق الثاني : بالخبر أن عمر جعلها صدقة ثم ذكر أحكامها فقال : لا تباع ، ولا توهب ، ولا تورث فدل ذلك على أن هذه الأحكام تتعلق بها إذا صارت صدقة وإن لم يحكم بها الحاكم ، ويدل على ذلك إجماع الصحابة ، لأن أبا بكر وعمر ، وعثمان ، وعلياً ، وطلحة ، والزبير ، وأنساً ، وأبا الدرداء ، وعبد الرحمن بن عوف ، وفاطمة وغيرهم وقفوا دوراً وبساتين ولم ينقل عن أحد منهم أنه رجع في وقفه فباع منه شيئاً ولا عن أحد من ورثتهم مع اختلاف همهم ، فلو كان ذلك جائزاً لنقل عن أحد منهم الرجوع .
ومن القياس : أنه تصرف يلزم بالوصية فجاز أن يلزم في حال الحياة من غير حكم الحاكم .
أصله : إذا بنى مسجداً فإنه يلزم من غير حكم الحاكم ، وقد قال أبو حنيفة : إذا أذن لقوم فصلوا فيه صار محبساً وثبت وقفه ، وكذلك إذا عمل مقبرة وأراد أن يقفها فأذن لقوم فدفنوا فيها ثبت الوقف ، ولأنه إزالة ملك يلزم بحكم الحاكم فجاز أن يلزم بغير حكمه .
أصله : سائر أنواع التصرف التي تزيل الملك .
فأما الجواب عن حديث ابن عباس فمن وجهين :
أحدهما : أنه أراد حبس الزانية ، وذلك قوله تعالى : ( فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعِلَ اللهً لَهُنَّ سَبِيلاً ) ( النساء : 15 ) وقد بين النبي ( ص ) السبيل فقال البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ والثيب بالثيب جلد مائةٍ والرجم .
والثاني : أنه أراد به ما ينبه في آخر وهو قوله : ( إنَّ اللهَ أعْطَى كُلّ ذِي حِقٍ حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّة لِوَارِثٍ ) فكأنه قال : لا يحبس عن وارث شيء جعله الله له .
وأما الجواب عن حديث عبد الله بن زيد : فهو أن ذلك الحائط ما كان له إنما كان لأبويه بدليل أنه روي عن الخبر ‘ ماتا فورثهما ‘ .
وأما الجواب عن حديث شريح فهو أن نقول : هذا مرسل ، لأن شريحاً تابعي ، ولا