الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص508
والثالث : أنه دل على أنه يجب عليه البذل بلا عوض .
والرابع : أنه دل على أنه إنما يجب عليه ذلك للماشية دون غيرها وروى ابن عباس عن النبي ( ص ) قال : ‘ الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ وروى جابر أن النبي ( ص ) نهى عن بيع فضل الماء ‘ .
فأما الجواب عن الخبر الذي احتج به فهو أن يقول : هو عام وخبرنا خاص فقضى عليه .
وأما ما ذكره من الكلأ فهو أن الفرق بين الماء وبينه من وجهين :
أحدهما : أن الماء إذا أخذ استخلف في الحال ونبع مثله ، وليس كذلك الحشيش فإنه إذا أخذ لا يستخلف بدله في الحال .
والثاني : أن الحشيش يتمول في العادة والماء لا يتمول في العادة .
وأما الجواب عن دليله الأخير فهو أن الزرع لا حرمة له ، وليس كذلك الحيوان فإن له حرمة ، ألا ترى أنه لو عطش زرعه فلم يسقه لم يجبر على ذلك ، ولو عطش حيوان أجبر على سقيه ، فبان الفرق بينهما إذا ثبت أنه يلزمه البدل لما ذكرنا ، فإنه لا يلزمه أن يبذل آلته التي هي البكرة والدلو والحبل ، لأنها تبلى بالاستعمال ، ولا تستخلف ، ويفارق الماء ، لأنه يستخلف في الحال بدله .
أحدهما : في ملكها .
والآخر : في السقي منها .
فأما الكلام في ملكها فهي على ثلاثة أضرب مباح ، ومملوك ، ومختلف فيه .
فأما المباح كما البحر والنهر الكبير كدجلة والفرات والنيل ، ومثل العيون النابعة في موات السهل والجبل فكل هذا مباح ، ولكل أحد أن يستعمل منه ما أراد كيف شاء .
والأصل فيه ما روى ابن عباس عن النبي ( ص ) قال : ‘ الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ ‘ ولأنه حادث في أرض موات فوجب أن يكون مباحاً كالحشيش وإن زاد هذا الماء ودخل أملاك الناس واجتمع فيها لم يملكوه ، لأنه لو نزل مطر واجتمع في ملكه فمكث أو فرخ طائر في بستانه أو توحل ظبي في أرضه لم يملكه ، وكان بمن حازه ، فكذلك الماء ، وأما المملوك فكل ما حازه من الماء المباح من قربة أو جرة أو ساقه إلى بركة فجمعه فيها