الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص504
والقسم الثالث : أن تذهب بعض الشروط المعتبرة في إيجابها ويبقى بعضها عارض الزرع إذا ذهبت مسنياتها وبقي ماؤها أو ذهب ماؤها وبقيت مسنياتها ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه في حكم الموات ما لم يندرس جميع آثاره .
والثاني : أنه في حكم الموات ما لم يبقى جميع آثاره .
والثالث : أنه إذا تقادم العهد بجوابها صارت مواتاً ، وإن قرب العهد لعمارتها فهي في حكم ما كان عامراً .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن ما انتقل إلينا من بلاد المشركين ضربان : عنوة وصلحاً ، فأما بلاد العنوة فقد ذكرنا حكمها ، وأما بلاد الصلح فضربان .
أحدهما : أن يعقد الصلح فيها على بقاء ملكهم عليها وأن يؤدوا عنها خراجاً فهذا جزية تسقط عنهم بإسلامهم ، وهو في العامر والموات على ما كانوا عليه قبل الصلح .
والضرب الثاني : أن يعقد الصلح معهم على أن رقاب أرضهم ملكاً للمسلمين وتقر في أيديهم بخراج بادوه عنها ، فهذا خراج أجرة لا تسقط عنهم بإسلامهم ، ويكون الخراج في الموضعين مصروفاً في أهل الفيء ، فأما مواتهم فلا يخلو أن يضم إلى العامر في الصلح أو بعقل ، فإن أعقل ولم يذكر فهو في حكم الموات في بلاد المسلمين ، وأرضهم إلى العامر في ملك المسلمين له صار في حكم ما غنم من مواتهم إذا منعوا منه يكون أهل الفيء أولى به ، وهل يكونوا أولى به يداً أو ملكاً ؟ على وجهين :
أحدهما : أنهم أولى به يداً ، فإن أحياه غيرهم من المسلمين ملك .
والثاني : أنهم أولى به ملكاً فإن أحياه غيرهم لم يملكوا ، تعلقاً بظاهر قول الشافعي : كان الموات مملوكاً لمن ملك العامر ، ومن قال بالوجه الأول تأول ذلك بتأويلين :
أحدهما : أنه في موات كان عامراً ثم خرب على ما مضى من تقسيم حكمه .
والثاني : أنه جعل ذلك ملكاً للمسلمين لا لمن ملك العامر من أهل الفيء ، لأن في الفيء خمس لأهل الخمس وأربعة أخماسه لأهل الفيء وهؤلاء هم كافة أهل الإسلام .