پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص503

والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد المروزي وأبي الفياض أن الغانمين أولىبالموات ملكاً ، لأن قد صار بالمنع تبعاً للعامر فلما ملك الغانمون العامر ملكوا ما صار تبعاً له من الموات ، فعلى هذا لا يملكه غيرهم بالإحياء ، ولا يعترض عليهم برفع اليد بتأخير الإحياء ، ولا يجوز لغيرهم أن يأخذ من معادن هذا الموات شيئاً لا من ظاهرها ولا من باطنها ، وعلى الوجه الأول يجوز فهذا حكم ما فتح عنوة ، وسيأتي حكم ما فتح صلحاً ، والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وما كان في قسم أحدهم من معدنٍ ظاهرٍ فهو له كما يقع في قسمة العامر بقيمته فيكون له ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا قسم عامر بلاد العنوة بين الغانمين فحصل في قسم أحدهما من العامر معدن فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون ظاهراً ، فهذا ملك لمن قسم له من الغانمين لا يجوز لأحد أن يشاركه فيه وإن كان ظاهراً .

والضرب الثاني : أن يكون باطناً فلا يجوز أن يكون الإمام قد عرف حاله وقت القسم أو لم يعرف ، فإن عرف حاله بعد ملكه للغانم بالقسم وإن لم يعرف حاله ففيه وجهان :

أحدهما : قد ملكه كما يملك ما أحياه .

والثاني : لا يملكه لجهالة الإمام به ، وإن قسم المجهول لا يصح ، فعلى هذا لا يملك المعدن وحده ويملك ما سواه مما قسم له ، فإن لم يكن عليه في إفراده عن ملكه ضرر فلا خيار له ولا بدل ، وإن كان عليه في إفراده ضرر فلا خيار له أيضاً ، لأن قسم الإمام لا يتعلق به المقسوم له خيار ولكن عليه أن يعطيه بدل النقص الداخل عليه بالضرر ما يكون عوضاً عنه أو ننقض القسم من يعطيه غيره مما يفي بسهمه .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وكل ما كان في بلاد العنوة مما عمر مرةً ثم ترك فهو كالعامر القائم العمارة مثل ما ظهرت عليه الأنهار وعمر بغير ذلك على نطف السماء أو بالرشاء وكل ما كان لم يعمر قط من بلادهم فهو كالموات من بلاد العرب ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن ما اندرست عمارته من بلاد المشركين حتى صار مواتاً خراباً على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تكون الشروط المعتبرة في إحيائها باقية فيه كأرض الزراعات إذا كانت مسنياتها باقية وماؤها قائماً ، وصارت بنيات الحشيش فيها خراباً وبتأخير عمارتها مواتاً فهذه في حكم العامر من أموالهم يقسم بين الغانمين في العنوة .

والقسم الثاني : أن تكون الشروط المعتبرة في إيجابها ذاهبة كالدور والمنازل إذا ذهب آلتها واندرست آثارها ، فحكم هذا على ما استوفيناه تقسيماً وحكماً في صدر هذا الكتاب .