الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص493
قال الماوردي : وهذا صحيح قد ذكرنا إن إقطاع السلطان إنما يتوجه إلى ما كان مباحاً من الأرض لم يجر عليه ملك مسلم ، قال الشافعي في الأم وليس للسلطان أن يعطي إنساناً ما لا يحل للإنسان أن يأخذه من موات لا مالك له والسلطان لا يحل له شيئاً ولا يحرمه ، ولو أعطى السلطان أحداً شيئاً لا يحل له لم يكن له أخذه ، فدل ذلك من قوله مع ما قد استقرت عليه أصول الشرع أن ما ستقر عليه ملك آدمي لم يجز للسلطان أن يقطعه أحداً وإن أقطعه جاز للمقطع أن يملكه ، فأما ما لم يستقر عليه ملك من سباخ الأرض فينقسم ثلاثة أقسام : قسم لا يجوز إقطاعه ، وقسم يجوز إقطاعه ، وقسم اختلف قوله في جواز إقطاعه ، فأما ما لا يجوز إقاطعه فالماء والكلأ وسائر المعادن الظاهرة ، وقد مضى الكلام فيها وأما ما اختلف قوله في جواز إقطاعه فهي المعادن الباطنة ويأتي الكلام فيها ، وأما ما يجوز إقطاعه فينقسم ثلاثة أقسام : قسم يملك بعد الإقطاع وقسم لا يملك ، وقسم اختلف قوله في تمليكه ، فأما ما يملك بعد الإقطاع فهو الموات يملك بالإحياء ملكاً مستقراً وقد مضي ، وأما ما يملك بالإقطاع فهو الذي ذكره في هذا الباب وهو الارتفاق بمقاعد الأسواق وأقنية الشوارع وحريم الأمصار ، ومنازل الأسفار أن يجلس فيه الباعة وأن تحط فيه الرحال فهذا مباح ، قد أقر رسول الله ( ص ) الناس عليه بمكة والمدنيه ومكن الخلفاء الراشدون بعده في الأمصار كلها فتوحها ومحياها ، ولأن حاجة الناس إلى ذلك ماسة وضرورتهم إليه داعية فجرى مجرى الاستطراق والارتفاق ، وأما ما اختلف قوله في تمليكه فهو المعادن الباطنة .
فأما الضرب الأول وهو ما يختص الارتفاق فيه بالصحاري والفلوات كمنازل المسافرين إذا حلوا في أسفارهم بمنزل استراحة فلا نظر للإمام عليهم فيه ، لبعده عنهم