الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص489
وقال أبو يوسف : حريم بئر العطن أربعون ذراعاً إلا أن يكون رشاؤه أبعد فتكون له منتهى رشائه ، وحريم النهر ملقى طينة عند حفره ، وحريم الفناء ما لم يسمح على وجه الأرض وكان جامعاً للماء ، والعرف في ذلك أولى من تحديد ما لم يتقدر شرعاً ولا قياساً ، فلو حفر بئراً في موات فملكها وحريمها ثم حفر آخر من بعد الحريم بئراً أخرى فنصب ماء الأولى إليها وغار فيها قال مالك : يمنع الثاني ويطم عليه بئره ، وهكذا لو حفر الثاني بئراً طهوراً فتغير ماء الأولى طمت الثانية على صاحبها ، وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أن بئر الثاني مقرة وإن نضب بها ماء الأولى أو تغير ، لأنه لا حق للأول فيما جاوز حريم ملكه ولو استحق المنع لتقدير الحريم .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا تحجر أرض موات بإقطاع أو غير إقطاع فقد صار بالحجر عليها أحق الناس بها ، لثبوت يده عليها ، وله بعد ذلك أربعة أحوال :
أحدها : أن يأخذ في الإحياء ويشرع في العمارة فلا اعتراض عليه فيها وهو أحق الناس بها حتى يستكمل العمارة ويتم الإحياء ، فلو غلب عليها وأكمل المتغلب إحيائها فذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون قد تغلب عليها قبل أن يشرع المحيي في عمارتها فيكون ملكاً للمتغلب المحيي دون المحجر .
والضرب الثاني : أن يكون قد تغلب عليها بعد أن شرع المحجر في عمارتها وقبل استكمالها فأكمل المتغلب الإحياء وتمم العمارة ففيها وجهان :
أحدهما : أنها ملك للمحجر ، لما استقر من ثبوت يده وتقدم عمارته ، ويصير المتغلب متطوعاً بنفقته .
والوجه الثاني : أنها ملك للمتغلب المحيي ، لأنه أحدث ما به يتم الإحياء ويستقر الملك .