پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص488

أحدهما : أن الماء قد يصرف عن أرض إلى أخرى ويساق إليها ماء أرض أخرى .

والثاني : أن الخراج مضروب على الأرض دون الماء ، والعشر مستحق في الزرع دون الأرض والماء إذا كان الماء فرعاً لا يتعلق به أحد الحقين لم يجز أن يعتبر به واحد من الحقين .

فصل

: وإذا أراد الرجل حفر بئر بالبادية فأحيائها يكون بحفرها حتى يصل إلى مائها فما لم يصل إليه فالإحياء غير تام ، فإذا وصل إلى الماء نظر فإن كانت الأرض صلبة لا تحتاج إلى طي فقد كمل الإحياء وتم الملك ، وإن كانت الأرض رخوة لا تستغني عن طي صار الطي من كمال الإحياء فما لم يطو فالإحياء لم يكمل ، فإذا كمل الإحياء نظر فإن حفرها للسابلة صارت سبيلاً على ذي كبد حرى من آدمي أو بهيمة ، ويكن حافرها كأحدهم ، فقد وقف عثمان رضي الله عنه بردمه فكان يغترف بدلوه مع الناس ، وإن حفرها لنفسه فقد ملكها وحريمها ، وليس له أن يمنع فضل مائها ، فلو أراد سدها منع منه ، لما تعلق بفضل مائها من حقوق السابلة ، وهكذا لو حفر نهراً أو ساق عيناً كان في حكم البئر .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وله مرافقها التي لا يكون صلاحها إلا بها ‘ .

قال الماوردي : وهكذا كما قال قد ذكرنا أن من أحيا أرضاً فقد ملكها وحريمها بدليل ما قدمناه على داود فيما تفرد به عن الكافة في إبطال الحريم ، فإذا كان حريم الأرض من حقوقها فهو عندنا معتبر بالعرف فيما لا تستغني الأرض عنه من مرافقها وليس بحدود ، فإن كانت الأرض المحياة كان حريمها طرفها ومفيض مائها ويبدر زرعها وما لا تستغني عنه من مرافقها ، وقال أبو حنيفة : حريمها ما لم يبلغه مائها وبعد منها .

وقال أبو يوسف : حريمها ما انتهى إليها صوت المنادي من حدودها ، وكلا المذهبين تركيب لقدر لم يركبه شرع ولا اقتضاه معهود ولا أوجبة قياس وليس لما لم يوجبه واحد من هذه الثلاثة إلا أن يكون معتبراً بالعرف فيما لا يستغنى عنه .

فصل

: وإن كان المحيا داراً فحريمها طريقها وفناؤها ، ولما مصرت البصرة وجعلت خططاً لقبائل أهلها جعل عرض كل شارع من شوارعها عشرون زراعاً إلا الأعظم من شوارعها فإنهم جعلوه ستين ذراعاً ، وجعلوا عرض كل زقاق تسع أزرع ، وجعلوا في وسط كل قبيلة رحبة فسيحة لمرابط خيلهم ومقابر موتاهم ، وقد روى بشير بن كعب عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : إذا اختلف القوم في طريق فليجعل سبعة أزرع ، وهذا إنما قاله اختياراً لا حتماً ، لأنه لم يجعل ذلك حدًّا فيما أحياه لأصحابه بالمدينة .

فصل

: وأما البئر والنهر فحريمها معتبر بالعرف أيضاً من غير تحديد ، وكذلك العين وهو قدر ما تدعو الحاجة إليه فيما حولها ، وقال أبو حنيفة حريم العين خمس مائة ذراع ، وحريم بئر الناضج خمسون ذراعاً .