الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص478
وقال مالك : يصير كالموات الجاهلي يملكه من أحياه سواء عرف أربابه أو لم يعرفوا .
وقال أبو حنيفة : إن عرف أربابه فهو على ملكهم لا يملك بالإحياء ، وإن لم يعرفوا ملك بالإحياء ؛ استدلالاً بعموم قوله ( ص ) من أحيا أرضاً مواتاً فهي له ، وحقيقة الموات : ما صار بعد الإحياء مواتاً ، وما لم يزل مواتاً فإنما يسمى مجازاً ، قالوا : ولأن ما صار مواتاً من العامر زال عن حكم العامر كالجاهلي ، ولأنه موات فجاز إحياؤه كسائر الموات ؛ ودليلنا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ‘ وهذا مال مسلم .
وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ( ص ) : من أحيا أرضاً ميتة ليست لأحد فهو أحق بها فجعل زوال الملك عن الموات شرطاً في جواز ملكه بالإحياء فدل على أن ما جرى عليه ملك لم يجز أن يملك بالإحياء وروى أسمر بن مضرس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له مال ‘ فخرج الناس تبعاً يتخاطون ، وهذا نص ، ولأنها أرض استقر عليها ملك مسلم فلم يجز أن تملك بالإحياء كالذي بقيت آثارها مع مالك ، وكالذي تعين أربابها مع أبي حنيفة ، ولأن ما صار مواتاً من عامر المسلمين لم يجز أن يملك بالإحياء كالأوقاف والمساجد .
وأما استدلالهم بقوله ( ص ) : من أحيا أرضاً مواتاً فهي له فهو دليل عليهم ، لأنه الأول قد أحياها فوجب أن يكون أحق بها من الناس لأمرين :
أحدهما : أنه أسبق .
والثاني : أن ملكه قد ثبت باتفاق .
وأما الجواب عن قياسهم على الجاهلي وعلى الذي لم ينزل مواتاً فالمعنى فيهما أنهما لم يجر عليهما ملك مسلم .
أحدهما : لا يجوز لاستقرار الملك عليه .
والوجه الثاني : لا يجوز إذا رأى ذلك صلاحاً ، لقيامه بالنظر العام ، وهذان الوجهان حكاهما أبو القاسم بن كج .
قال الماوردي وهذا كما قال .
الموات يملك بإحيائه من غير إذن الإمام وإقطاعه وبه قال أبو يوسف ومحمد .