الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص464
أحدها : أن يستأجرها لزرع الحنطة وما أشبهها فيجوز له – بوفاق داود – أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة مما يكون ضرره مثل ضرر الحنطة أو أقل إلا أن داود يجيزه بالشرط ، ونحن نجيزه بالعقد والشرط تأكيد .
والقسم الثاني : أن يستأجرها لزرع الحنطة ، ويغفل ذكر ما سوى الحنطة فهذا القسم الذي خالف فيه داود ، فمنعه من زرع غير الحنطة ، ويجوز له عندنا أن يزرعها غير الحنطة مما ضرره كضرر الحنطة أو أقل .
والقسم الثالث : أن يستأجرها لزرع الحنطة على أن لا يزرع ما سواها ، ففيه ثلاثة أوجه حكاها ابن أبي هريرة .
أحدها : أن الإجارة باطلة لأنه شرط فيها ما ينافي موجبها .
والوجه الثاني : أن الإجارة جائزة ، والشرط باطل ، وله أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة ، لأنه لا يؤثر في حق المؤجر فألغي .
والوجه الثالث : أن الإجارة جائزة والشرط لازم وليس له أن يزرعها غير الحنطة ، لأن منافع الإجارة إنما تملك بالعقد على ما سمي فيه ، ألا تراه لو استأجرها للزرع لم يكن له الغرس فكذلك إذا استأجرها لنوع من الزرع .
قال الماوردي : إذا استأجر أرضاً لزرع الحنطة لم يكن له أن يغرسها ولا أن يزرعها ما هو أكثر ضرراً من الحنطة كالدخن والكتان والذرة ، فإن فعل فقد تعدى ، ويؤخذ بقلع زرعه لأنه غير مأذون فيه فصار كالغاصب ، وهل يصير بذلك ضامناً لرقبة الأرض حتى يضمن قيمتها إن غصبت أو تلفت بسيل ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني : أنه يضمنها لأنه قد صار – بالعدول عما استحقه – غاصباً والغاصب ضامن .