الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص458
يستحق استيفاء زرع تعدى فيه ، فإن تراضى المؤجر والمستأجر على تركه إلى أوان حصاده بأجرة المثل فيما زاد على المدة أقر ، وإن رضي المستأجر وأبى المؤجر ، أو رضي المؤجر وأبى المستأجر من بذل أجرة المثل قلع .
والقسم الثاني : أن يكون تأخير استحصاده لتأخير بذره من غير عدول عن جنسه ، فهذا مفرط ، ويؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده لأن تفريطه لا يلزم غيره ، فإن بذل أجرة مثل المدة الزائدة ورضي المؤجر بقبولها ترك وإلا قلع .
والقسم الثالث : أن يكون تأخير استحصاده لأمر سمائي ، من استدامة برد ، أو تأخير مطر ، أو دوام ثلج ، ففيه وجهان :
أحدهما : يترك إلى وقت استحصاده لأنه لم يكن من المستأجر عدوان ، ولا تفريط فإذا ترك إلى وقت الحصاد ضمن المستأجر أجرة مثل المدة الزائدة على عقده .
والوجه الثاني : أن يؤخذ بقلع زرعه ولا يترك لأنه قد كان يقدر على الاستظهار لنفسه في استزادة المدة خوفاً من حادث سماء ، فلما لم يستظهر صار مفرطاً .
أحدها : أن يشترط قلعه عند تقضي المدة ، فهذه إجارة جائزة لأنه قد يريد زرعه قصيلاً ، ولا يريده حباً ، فإذا انقضت المدة أخذ بقلع زرعه وقطعه .
والقسم الثاني : أن يشترط تركه إلى وقت حصاده ، فهذه إجارة فاسدة لأن اشتراط استيفاء الزرع بعد مدة الإجارة ينافي موجبها ، فبطلت ثم للزارع استيفاء زرعه إلى وقت حصاد ، وإن بطلت الإجارة ، فلا يؤخذ بقلع زرع ، لأنه زرع عن إذن اشترط فيه الترك ، وعليه أجرة المثل والفرق بين هذه المسألة في استيفاء الزرع مع فساد الإجارة ، وبين أن يؤخذ بقلعه فيما تقدم من الأقسام مع صحة الإجارة : أن الإجارة إذا بطلت روعي الإذن دون المدة ، وإذا صحت روعيت المدة .
والقسم الثالث من هذه الأقسام : أن يطلق العقد فلا يشترط فيه قلعاً ولا تركاً ، فقد اختلف أصحابنا هل إطلاقه يقتضي القلع أو الترك على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يقتضي القلع اعتباراً بموجب العقد ، فعلى هذا الإجارة صحيحة ، ويؤخذ المستأجر بقلع زرعه عند تقضي المدة .
والوجه الثاني : وهو ظاهر كلام الشافعي رضي الله عنه أن الإطلاق يقتضي الترك إلى أوان الحصاد اعتباراً بالعرف فيه ، كما أن ما لم يبد صلاحه من الثمار يقتضي إطلاق بيعه للترك إلى وقت الصرام اعتباراً بالعرف فيه ، فعلى هذا تكون الإجارة فاسدة ، ويكون للمستأجر ترك زرعه إلى وقت حصاده ، وعليه أجرة المثل كما لو شرط الترك .