الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص457
والوجه الثاني : له الخيار في فسخ ما مضى كما كان له الخيار في فسخ ما بقي لأنها صفقة فلم يفترق حكمها في الخيار ، فعلى هذا إن فسخ في الجميع رجع بالمسمى ، وكان عليه أجرة المثل فيما مضى ، وإن أقام على ما مضى ، وفسخ فيما بقي ، لزمه من الأجرة بقسط ما مضى ، ويرجع منها بقسط ما بقي ، وقد خرج قول آخر : أنه يقيم على ما مضى بكل الأجرة وإلا فسخ وهذا ليس بصحيح .
فإذا أراد أن يرجع بحصة ما بقي لم يقسط ذلك على المدة ، وإنما يقسط على أجرة المثل ، فإذا كان الماضي من المدة نصفها لم يرجع بنصف الأجرة ، وقيل : ‘ كم تساوي أجرة مثل المدة الماضية ؟ فإذا قيل عشرون ديناراً ، قيل وكم تساوي أجرة مثل المدة الباقية ؟ فإذا قيل عشرة دنانير رجع بثلث الأجرة ، ولو كان أجرة ما مضى عشرة وأجرة ما بقي عشرون ، رجع بثلثي الأجرة ، لأنه قد تختلف أجرة مثل المدتين ، فلم يجز أن يقسط على أعدادها ولزم أن يقسط على أجور أمثالها والله أعلم .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة أن يستأجر الرجل أرضاً مدة معلومة ليزرعها زرعاً موصوفاً فزرعها ، ثم انقضت المدة ، قبل استحصاد زرعها ، فلا يخلو حال المدة من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يعلم أن ذلك الزرع يستحصد في مثلها ، والثاني : أن يعلم أنه لا يستحصد في مثلها ، والثالث : أن يقع الشك فيه .
فأما القسم الأول : وهو أن يعلم بجاري العادة أن مثل ذلك الزرع يستحصد في مثل تلك المدة فانقضت المدة قبل استحصاده ، فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون تأخر استحصاده لعدوله عن الجنس الذي شرطه إلى غيره مثل أن يستأجر خمسة أشهر لزرع الباقلا ، فيزرعها براً ، فتنقضي المدة ، والزرع غير مستحصد ، فهذا يؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده لأنه بعدوله عن الباقلا إلى البر يصير متعدياً فلم