الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص455
ولأن ما صح أن يؤاجر بالذهب والورق صح أن يؤاجر بالبر والشعير ، كالدور والعقار ، ولأن ما صح أن تؤاجر به الدور والعقار صح أن تؤاجر به الأرضون كالذهب والورق .
فأما الجواب عما استدل به الحسن من حديثي رافع في النهي عن كراء الأرض فمحمول على ما فسره في هذا الحديث من كرائها بما على الماذيانات ، لأن الروايات عن رافع مختلفة .
وأما الجواب عن جمعه بين الأرض ، وبين النخل والشجر فهو أن المستفاد من النخل أعيان ، ومن الأرض آثار .
وأما الجواب عما استدل به مالك من حديثي رافع فهو ما ذكرنا ، ونهيه عن إجارتها بطعام مسمى يعني من الأرض المؤاجرة .
وأما الجواب عن قياسه على المخابرة فهو أن العوض في المخابرة لا يثبت في الذمة وفي الإجارة يثبت في الذمة والله أعلم .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في مدة الإجارة ، وأن لا بد أن تكون معلومة ، وأنها تجوز سنة ، وفي جوازها سنين قولان .
فإذا استأجر أرضاً للزراعة سنة فعلى أربعة أقسام :
أحدها : أن يشترط سنة هلالية ، فيصح ويكون العقد على اثني عشر شهراً بالأهلة يحتسب بكل شهر ما بين الهلالين ، كاملاً كان أو ناقصاً ويكون قدر السنة الهلالية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوماً ، وهذا أخص الآجال بالشرع ، قال الله تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ، قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) ( البقرة : 189 ) .
والقسم الثاني : أن يشترط سنة عددية فيصح ويكون العقد على ثلاثمائة وستين يوماً كاملة لأن عدد الشهر مستوفٍ بكماله .
والقسم الثالث : أن يشترط سنة شمسية وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم ، فقد اختلف أصحابنا في صحة الإجارة بهذا الأجل على وجهين :
أحدهما : يصح للعلم بالمدة فيها .
والثاني : باطلة ، لأنها مقدرة بحساب تنسأ فيه أيام ، وقد حرم الله تعالى النسيء بقوله تعالى : ( إِنَّمَا النَسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرَ ) ( التوبة : 37 ) .
والقسم الرابع : أن يطلق ذكر السنة ، فلا يشترطهما هلالية ، ولا عددية ولا شمسية فتصح الإجارة حملاً على السنة الهلالية لأنه الزمان المقدر في الآجال الشرعية ، والله أعلم .