الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص454
أحدها : ما ذهب إليه الحسن البصري وطاوس إلى أن إجارة الأرضين باطلة لا تجوز بحال .
والمذهب الثاني ما قاله مالك بن أنس أن إجارتها جائزة بالذهب والورق ، ولا يجوز بالبر ، والشعير ، ولا بما ينبت من الأرض .
والمذهب الثالث : ما قاله الشافعي رضي الله عنه وأبو حنيفة وجماعة الفقهاء أنها تجوز بكل معلوم من ذهب أو ورق أو عرض أو بما ينبت من الأرض من بر أو شعير أو غيره .
واستدل الحسن وطاوس على المنع من إجارتها بحديث رواه ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري كأن ينهي عن كراء الأرض ، فلقيه عبد الله فقال يابن خديج ماذا تحدث عن رسول الله ( ص ) في كراء الأرض فقال رافع لعبد الله بن عمر سمعت عمي وكانا قد شهدا بدراً يحدثان أهل الدار أن رسول الله ( ص ) نهى عن كراء الأرض فقال عبد الله ، والله لقد كنت أعلم في عهد رسول الله ( ص ) أن الأرض تكرى ، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله ( ص ) أحدث في ذلك شيئاً لم يكن يعلمه ، فترك كراء الأرض .
وروى ابن المبارك عن سعيد أبي شجاع عن عيسى بن سهل عن رافع بن خديج قال إني ليتيم في حجر رافعٍ ، وحججت معه فجاءه أخي عمران بن سهل فقال أكرينا أرضنا فلانة بمائتي درهم ، فقال دعه ، فإن النبي ( ص ) ، نهى عن كراء الأرض .
قال ولأنه لما لم تجز إجارة النخل والشجر لكونهما أصلا لكل ثمر فكذلك الأرض لأنها تجمع الأصل والفرع .
ولأن استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها باطل كالمخابرة .
ودليلنا على مالك رواية الأوزاعي عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق ، فقال لا بأس بها ، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ( ص ) بما على الماذيانات وأقبال الجداول ، وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه ، فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به فكان هذا على عمومه مع شبيهه على معنى النهي ، فصار هذا تفسيراً لما أجمله من النهي .