الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص452
والدليل على فسادها مع ما رواه الشافعي رضي الله عنه في صدر الباب عن ابن عمر ، رواية الشافعي عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال ‘ نهى رسول الله ( ص ) عن المخابرة . والمخابرة كراء الأرض بالثلث والربع ، وروى يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار أن رافع بن خديج قال ‘ كنا نخابر على عهد رسول الله ( ص ) ، وإن بعض عمومتي أتاني فقال ‘ نهى رسول الله ( ص ) عن أمرٍ كان لنا نافعاً ، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا وأنفع ، قال : فقلنا : ‘ وما ذاك ‘ قال : قال رسول الله ( ص ) من كانت له أرضٌ فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكاريها بثلث ولا ربعٍ ولا طعامٍ مسمى ، وروى ابن خثيم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول ‘ من لم يذر المخابرة فليؤذن بحربٍ من الله ورسوله ، ولأن الأصول التي تصح إجارتها ولا تصح المعاملة عليها ببعض كسبها ، وكذا الأرض لما جازت إجارتها لم تجز المخابرة عليها .
فهذه دلائل الفريقين في صحة المخابرة وفسادها ، ولما اقترن بدلائل الصحة عمل أهل الأمصار مع الضرورة الماسة إليها ، وكان ما عارضها محتملاً أن يكون جارياً على ما فسره زيد بن ثابت ، وقال عبد الله بن عباس كان صحة المخابرة أولى من فسادها مع صحة شهادة الأصول لها في المساقاة والمضاربة .
قال الشافعي رضي الله عنه فلو اشترك أربعة في زراعة الأرض فكانت الأرض لأحدهم ، والبذر للآخر ، والآلة للآخر ، ومن الرابع العمل ، على أن الزرع بينهم أرباعاً كان الزرع لصاحب البذر ، وعليه أجرة المثل لشركائه . وقد روى الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل ، عن مجاهد قال اشترك أربعة رهطٍ على عهد رسول الله ( ص ) في زرع فقال أحدهم قبلي الأرض ، وقال الآخر ، قبلي البذر ، وقال الآخر ، قبلي العمل ، وقال الآخر قبلي الفدان ، فما استحصد الزرع صاروا إلى رسول الله ( ص ) فجعل الزرع لصاحب البذر ، وألغى صاحب الأرض ، وجعل لصاحب الفدان شيئاً معلوماً ، وجعل لصاحب العمل درهماً كل يومٍ .