الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص451
ذلك وأمرنا أن نكريها بذهبٍ أو ورقٍ ، ولأن تميز ما لكل واحد منهما يمنع من إلحاقه بالمساقاة المشاعة ، ويخرج بالجهالة عن حكم الإجارة الجائزة فصار باطلاً .
والمذهب الثاني : أنها جائزة سواء شرط البذر على الزارع أو على رب الأرض ، وبه قال في الصحابة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم ، ومن التابعين سعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومن الفقهاء سفيان الثوري وأبو يوسف ومحمد .
والمذهب الثالث : أنه إن شرط البذر على صاحب الأرض لم يجز ، وإن شرطه على الزارع جاز ، وهو مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية .
واستدل من أجاز ذلك برواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه ‘ أن النبي ( ص ) عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج من ثمرٍ وزرعٍ . وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قلت لطاوس يا أبا عبد الرحمن لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي ( ص ) نهى عنها فقال : يا عمرو أخبرني أعلمهم ابن عباس أنه لم ينه عنها ولكن قال : لأن يمنح أحدكم أخاه خيرٌ له من أن يأخذ عليها خرجاً معلومأً . وروى عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت ، قال ‘ رحم الله رافع بن خديج أنا أعلم بهذا الحديث منه ‘ – يعني ما رواه عن المخابرة – قال زيد : ‘ أتى رسول الله ( ص ) رجلان من الأنصار ، وكانا قد اقتتلا ، فقال رسول الله ( ص ) إن كان هذا شأنكما فلا تكروا المزارع ‘ .
قالوا : ولأن المعاملة على الأصول ببعض نمائها يجوز كالمساقاة على النخل و المضاربة بالمال ، وكذلك المخابرة على الأرض . قالوا ولأنه لما جازت المخابرة إذا اقترنت بالمساقاة جازت بانفرادها .