الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص439
أحدهما : أن اختلافهما في صفة العقد مع اتفاقهما على أصله فاقتضى أن يتحالفا كالبيع لأن كل واحد منهما يصير منكراً ومدعياً . والثاني : أنه لما كانا لو اختلفا والثوب صحيح فقال ربه استأجرتك لتخيطه قميصاً وقال الخياط بل استأجرتني لأخيطه قباء لم يعمل على قول واحد منهما وتحالفا عليه لا يختلف قول الشافعي فيه وجب إذا اختلفا بعد قطع الثوب أن يتحالفا عليه لأن ما أوجب التحالف مع بقائه على حاله أوجب التحالف مع تغير أحواله فعلى هذا يحلف كل واحد منهما على النفي والإثبات وهل يقتصر كل واحد منهما على يمين واحدة تجمع بين النفي والإثبات أو على يمينين إحداهما للنفي والأخرى للإثبات ، على وجهين ، فإذا تحالفا سقط الغرم عن الخياط بيمينه وسقطت الأجرة عن رب الثوب بيمينه . فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي للحالف منهما على الناكل فإن كان الحالف هو الخياط قضي له بالأجرة وسقوط الغرم وإن كان الحالف هو رب الثوب قضي له بالغرم على ما مضى وسقوط الأجرة .
قال الماوردي : وصورتها في رجل استأجر دابة ليركبها شهراً أو ليركبها من البصرة إلى الكوفة فأمسكها شهراً أو قدر مسيره من البصرة إلى الكوفة من غير أن يركبها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يفعل ذلك لعذر مانع من ركوبها .
والثاني : أن يفعل ذلك لغير عذر فإن فعل ذلك لغير عذر فقد استوفى ما استحقه بالإجارة وإن لم يركب وضمن جميع الأجرة وقال أبو حنيفة لا أجرة عليه إذا أمسكها ولم يركبها إلا أن يركبها متوجهاً إلى سفره ثم يرجع فيمسكها مقيماً فتلزمه الأجرة .
وهذا خطأ لاتفاقنا وإياه على أن من استأجر داراً فتسلمها ولم يسكنها مدة إجارته فيها فقد استوفى حقه وعليه الأجرة وكذا الدابة لأن السكنى والركوب حق له وليس بحق عليه ولأنه قد فوت منافعها على المؤجر وسواء كان بركوب أو غير ركوب فلو تلفت الدابة بيده مع انقضاء المدة لم يضمن لأنها لو تلفت مع الركوب المضر لم يضمن فلأن لا يضمن مع الكف عن الركوب أولى . وإن أمسك عن ركوبها لعذر فهو على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون لعذر يعود إلى الدابة .