الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص436
التلف كضرب الزوج والمعلم ولا يدخل عليه من دفع إنساناً عن نفسه أو ماله لأنه ليس على فعل متقدم فأما الحدود الواجبة فلا يتعلق بها ضمان لما عليه من استيفائها وإن الضمان يمنع الإقدام عليها . فإذا ثبت وجوب الضمان من التعزير فأن تكون الدية على قولين :
أحدهما : على عاقلة الإمام لحديث عمر وقوله لعلي عزمت عليك لا تبرح حتى تضربها على قومك فعلى هذا تكون الكفارة في ماله .
والقول الثاني : أن الدية في بيت المال لأنه نائب فيه عن كافة المسلمين فاقتضى أن يكون ما حدث عنه من الضمان في بيت مالهم فعلى هذا في الكفارة وجهان :
أحدهما : في بيت المال أيضاً . والثاني : في ماله ويكون تأويل فعل عمر في تحصيل الدية لعاقلته أنه لم يكن في بيت المال مال فعاد إلى عاقلته كما أن من وجبت الدية على عاقلته إذا عدموا جعلت في بيت المال والله أعلم .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل دفع إلى خياط ثوباً فقطعه الخياط قباء ثم اختلف ربه والخياط فقال رب الثوب أمرتك أن تقطعه قميصاً فتعديت بقطعه قباء فعليك الضمان . وقال الخياط بل أنت أمرتني أن أقطعه قباء فلا ضمان عليّ ولي الأجرة فإن كان لأحدهما بينة على ما يدعيه عمل عليها وحكم بموجبها وإن لم يكن لواحد منهما بينة فهي مسألة الكتاب وقد ذكرها الشافعي في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وحكى مذهب ابن أبي ليلى أن القول قول الخياط ومذهب أبي حنيفة أن القول قول رب الثوب .
قال وهذا أشبه القولين وكلاهما مدخول فنقل المزني ذلك إلى مختصره هذا وحكى في جامعه الكبير قولاً ثالثاً أنهما يتحالفان وقال الشافعي في كتاب الأجير والمستأجر إذا دفع إليه ثوباً ليصبغه أحمر فقال الصباغ بل أخضر أنهما يتحالفان فهذا نقل ما حكاه الشافعي وقال من هذا الاختلاف .
واختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة طرق :