الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص412
فإن أراد بعد تعيينه بالعقد أن يبدل نفسه بغيره ليركب في موضعه فإن استبدل بمن كان مثله في الثقل والحركة أو أخف جاز ولم يجز أن يستبدل بمن هو أثقل . ولو أراد الجمال المكري أن يبدل البعير الذي وقع العقد عليه معيناً لم يجز بخلاف الراكب .
والفرق بينهما أن حق الركوب للراكب فجاز أن يستوفيه بنفسه وبغيره فصار وإن تعين في الاستحقاق غير معين في الاستيفاء وليس كالبعير الذي قد تعين استيفاء الحق منه .
والشرط الثالث : ذكر ما يركب فيه من سرج أو قتب أو على زاملة أو في محمل لأنها تختلف على البهيمة والراكب فإن كان ذلك على سرج أو قتب أو زاملة صح أن يكون مشاهداً وموصوفاً فيصير بكل واحد من هذين معلوماً فإن لم يشاهده ولم يوصف صح إن كان مشروطاً على الجمال وبطل إن كان مشروطاً على الراكب ؛ لأنه إذا كان مشروطاً على الجمال فهو مستأجر مع البعير فصح أن لا يوصف كما يصح أن لا يوصف البعير وإذا كان مشروطاً على الراكب فهو محمول بأجرة فلم يصح أن لا يوصف كما لا يصح أن لا يوصف كل محمول . وأما المحمل فإن كان مشروطاً على الجمال صح وإن أشار إلى الجنس المعهود منها صح أن لا يشاهد ولا يوصف وإن كان مشروطاً على الراكب فلا بد أن يكون معلوماً بالمشاهدة . فأما بالصفة فلا يصير معلوماً لاختلافها مع السعة والضيق بالثقل والخفة لاختلاف أغراض الناس فيها وتباين مقاصدهم فلم يكن فيه عرف يقصد ولا صفة تضبط وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه يصير معلوماً بالصفة ويصح العقد فيه كما يصح في المشاهدة ، وحكي عن أبي إسحاق المروزي أنها إن كانت من محامل بلد لا تختلف كالبغدادية جاز وإن كانت مختلفة كالخراسانية لم يجز وكلا القولين يفسد بما ذكرنا فإن شرط على المحمل ظلاً احتاج فيه إلى شرطين :
أحدهما : أن يكون الظل معلوماً والعلم به قد يكون بالمشاهدة تارة وبالصفة أخرى بخلاف المحمل .
والثاني : ذكر ارتفاعه وانخفاضه لاختلاف ذلك على البعير والراكب .
فأما المعاليق فهي ما يتعلق على المحمل من توابعه وأدوات راكبه كالقربة والسطحية والزنبيل والقدر وكذا المضربة والمخدة فإن شوهد ذلك مع المحمل أو وصف مع مشاهدة المحمل صار بكلا الأمرين معلوماً وصح العقد وإن أطلق ذكرها من غير مشاهدة ولا صفة فإن كانت معاليق الناس بذلك البلد مختلفة بطل العقد وإن كانت متقاربة ففيه قولان :
أحدهما : وهو القياس بطلان الإجارة لأن التماثل فيها متعذر .
والقول الثاني : جوازها لضيق الأمر في مشاهدتها أو صفتها وإن العمل بإطلاقها جائز وعرف الناس فيها مقصود .