پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص406

إني أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ) ( القصص : 27 ) فدل ذلك على جواز الإجارة سنين وروى أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تكارى أرضاً ولم تزل بيده حتى مات قال ابنه : ما كنت أراها إلا له من طول ما مكثت بيده حتى ذكرها عند موته وأمرنا بقضاء شيء بقي عليه من كرائها من ذهبٍ أو ورقٍ ولأن الضرورة قد تدعو في الإجارة إلى أكثر من سنة لا سيما في الغرس والبناء فصحت فيما زاد على السنة لأجل الضرورة كما صحت في السنة ولأن الإجارة عقد على منفعة كما أن البيع عقد على عين ثم لما لم تتقدر بيوع الأعيان فكذلك لا تتقدر بيوع المنافع .

فصل

: فإذا صح بتوجيه هذا القول أن الإجارة تجوز أكثر من سنة فقد قال الشافعي ههنا تجوز ثلاثين سنة فكان بعض أصحابنا يجعل الثلاثين حداً على ظاهر لفظه ويمنع مما زاد عليها استدلالاً بأن الثلاثين شطر العمر في الغالب فكان ما زاد عليه لغير العاقد وذهب سائر أصحابنا إلى أن الثلاثين ليس بحد وتجوز الإجارة على أكثر منها على ما يشاء المتعاقدان . وقد نص الشافعي على ذلك في كتاب الدعوى والبينات ولهم عن نص الشافعي جوابان :

أحدهما : أنه ذكر ذلك على طريق التكثير لا على طريق التحديد .

والثاني : أنه قاله رداً على قوم جعلوا ما دون الثلاثين حداً للجواز وجعلوا الثلاثين حداً للمنع والفساد .

فصل

: فإذا ثبت أنها غير محدودة الأقل والأكثر فأقل مدتها ما أمكن فيه استيفاء المنفعة المعقود عليها وذلك قد يختلف باختلاف المؤاجر فإن كان كذلك دار للسكنى جازت إجارتها يوماً واحداً أو أقل من ذلك تافه لم يجربه عرف لم يصح به عقد وإن كان ذلك أرضاً للزراعة فأقلها مدة زراعتها .

فأما أكثر المدة فهو ما علم بقاء الشيء المؤاجر فيها فإن كان ذلك أرضاً تأبد بقاؤها وإن كان داراً روعي فيها مدة يبقى فيها بناؤها وإن كان حيواناً روعي فيه الأغلب من مدة حياته والله أعلم .

فصل

: فإذا تقرر هذا فإن عقدت الإجارة على سنة لم يلزم تقسيط الأجرة على شهورها لما فيه من المشقة ولأن شهور السنة الواحدة في الغالب إنها متساوية والمؤاجرة فيها على حالة واحدة . وإن عقدت الإجارة على سنين كثيرة فهل يلزم تقسيط الأجرة على كل سنة منها أم لا على قولين :