الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص405
وفي قدر ما يلزمه قولان :
أحدهما : نصف القيمة لأن تلفها كان بالاعياء في مسافتين مباحة غير مضمونة ومحظورة مضمونة .
والقول الثاني : أن القيمة تسقط على قدر المسافتين في الطول والقصر فيسقط عنه من القيمة قدر ما قابل مسافة الإجارة ويلزمه منها ما قابل مسافة العدوان . فإذا كان من مر إلى مكة ثمانية عشر ميلاً ومن مر إلى عسفان ثلاثين ميلاً لزمه من قيمة الدابة ثلاثون جزءاً من ثمانية وأربعين جزءاً وذلك خمسة أثمانها وأصل هذين القولين الجلاد إذا أمر أن يجلد رجلاً ثمانين سوطاً فجلده أحداً وثمانين سوطاً فمات كان في قدر ما يضمنه قولان :
أحدهما : نصف الدية .
والثاني : جزء من أحد وثمانين جزءاً من الدية .
فإن قيل فإذا كان صاحبها مشاهداً للركوب غير منكر له كان ذلك برضى منه فوجب سقوط الضمان قيل الرضا الذي يوجب سقوط الضمان ما كان إذناً بالقول وليس السكوت إذناً في استهلاك الأموال ألا ترى لو أن رجلاً خرق ثوباً على رجل وهو يراه لزمه ضمانه ولم يسقط بسكوته وإن كان تلف الدابة بعد نزول الراكب عنها وحصولها في يد صاحبها فلا ضمان على الراكب لأنه قد برئ من الضمان بردها على المالك إلا أن يكون ركوب التعدي قد نقص من قيمتها فيضمن قدر نقصها . وإن لم تتلف الدابة ولكن نقصت قيمتها نظر فإن كان نقص قيمتها بغير الركوب لم يضمنه الراكب وإن كان بالركوب فما قابل المباح منه لم يضمنه وما قابل المحظور ضمنه وسواء كان صاحبها معها أم لا لأنه ضمان جناية وإن كانت الدابة على حالها لم يضمن الراكب غير الأجرة والله أعلم .
الإجارة على سنة واحدة فيجوز لأن الغرر يسير فيها والضرورة داعية إليها فأما ما زاد على السنة فقد حكي عن مالك أنه جوزها إلى خمس سنين أو ست سنين لا غير وللشافعي فيما زاد على السنة الواحدة قولان :
أحدهما : لا تجوز الإجارة أكثر من سنة لأن الإجارة غرر لأنها عقد على منافع قد تسلم وقد لا تسلم فإذا قل الزمان قل غررها فجاز وإذا طال الزمان كثر غررها فبطل كالخيار والسنة الواحدة هي المدة التي تكمل فيها منافع الزراعة في الأرضين ولا يتغير غالباً فيها الحيوانات والدور فلذلك تقدرت مدة الإجارة بها وبطلت فيما جاوزها .
والقول الثاني : وهو أصح القولين هنا أن الإجارة تجوز أكثر من سنة قال الشافعي ههنا ثلاثين سنة وقال في كتاب الدعوى والبينات ما شاء ووجه هذا القول قوله تعالى ( قَالَ